ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر أول عملية تنقيب للغاز والمرتقبة في نهاية عام 2015، لتبدأ بعد عام 2016 مرحلة الإنتاج، ويأمل لبنان من ذلك معالجة ارتفاع الدين العام والنقص الدائم في الطاقة الكهربائية.
وكانت 29 شركة عالمية اشترت معلومات المسح الزلزالي التي أجرتها شركة "سبكتروم" النرويجية، حيث يتعين على الشركات الراغبة في المشاركة بدورة التراخيص للاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية التقدم بطلباتها قبل الثامن والعشرين من مارس من العام الحالي.
وأعلنت وزارة الطاقة والمياه أنها ستأخذ بعد هذه المهلة فترة ثلاثة أسابيع لتعلن في الثامن عشر من أبريل أسماء الشركات المؤهلة.
ومن المنتظر أن تفتح هيئة إدارة قطاع البترول مرحلة تسلّم دفاتر الشروط في الأول من مايو وتمنح الشركات مهلة ستة أشهر وفق القانون لتتقدّم بملفاتها وعروضها في بداية نوفمبر، أما فترة تقييم العروض فتنتهي في نهاية كانون الثاني من العام المقبل لتبدأ بعدها فترة التفاوض وصولاً إلى توقيع عقود الاستكشاف والتنقيب في شباط من عام 2014 مع ثلاث شركات أو أكثر لتي ستكون كونسورتيوم.
إلى ذلك يشير الخبير النفطي د. ربيع ياغي الى أن مسيرة التنقيب البحري التي ستنطلق في النصف الثاني من 2014 ستبدأ في الجنوب والشمال بموازاة الخط البحري الفاصل بين لبنان وقبرص غرباً، علماً أن المياه اللبنانية ستكون مقسّمة إلى 8 أو 10 قطع بمساحة تتراوح بين 2000 و3000 كلم مربّع للقطعة الواحدة.
وعلى الشركات المؤهلة أن تتمتع بخبرة تقنية عالية ووضع قانوني سليم وملاءة مالية لا تقل عن خمسة مليارات دولار للشركة الواحدة، وعشرة مليارات دولار للشركة المشغّلة (operator).
وكان المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد أظهر أن المياه الجنوبية تحتوي على 12 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي موزعة على مساحة ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، كما تم الإعلان أخيراً عن اكتشاف مكامن للنفط قدّر احتياطاتها بنحو 440 مليون برميل ومكامن للغاز تحتوي على 15 تريليون قدم مكعبة قبالة الساحل الشمالي للبنان.
ومن المرجّح أن تكون الكميات المكتشفة من الغاز الطبيعي في المياه اللبنانية أكبر من الكميات المعلنة في اكتشافات قبرص وإسرائيل، وهي تفوق حاجات لبنان للطاقة.
وكان وزير الطاقة والمياه اللبناني جبران باسيل قد لفت إلى أن مكمناً وحداً فقط من تلك المكامن قد يوفر احتياجات محطات الكهرباء اللبنانية لمدة تسعة وتسعين عاماً.
ومن المتوقع أن يتم تصدير قسم كبير بعد عملية التسييل LNG بواسطة السفن إلى الأسواق العالمية، لكن خبير النفط الدكتور ربيع ياغي أكد أن لبنان لن يشهد العائدات النفطية قبل عام 2022 وذلك لأن لبنان ملزم كأي دولة أخرى بمدة زمنية أقلها ثماني سنوات بدءاً من عملية التنقيب والاستكشاف وصولاً إلى عملية الاستخراج ورجوع العائدات.
فعملية التنقيب في المياه البحرية العميقة حوالى 4 كم تحت سطح البحر هي عملية شاقة ومكلفة، إذ تبلغ كلفة حفر البئر الواحدة حوالي 150 مليون دولار، وقد تستغرق سنوات.
وتشير الدراسات إلى أن الاحتياطات في حوض المتوسط تقدّر بنحو 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز و4.6 مليارات برميل من النفط، إذ يؤكد الخبراء أن المخزون الفعلي لشرق البحر الأبيض المتوسط موجود في المياه اللبنانية، فالاكتشافات في قبرص أو إسرائيل لا تشكل إلا جزءاً يسيراً مما هو موجود وقائم في أعماق البحار في الحوض الشرقي للبحر الابيض المتوسط.
وعلى هذا الأساس ستكون العائدات الإجمالية تبعاً للتوقعات حوالي 200 مليار دولار، وهي عائدات يقول عنها ياغي إنها ستصبح مضاعفة، ما يؤدي إلى تضاعف الثروة، الأمر الذي يحتّم على الدولة اللبنانية أن تلتفت إلى كيفية إداراتها والمحافظة عليها.
ومن المتوقع أن يذهب قسم من تلك العائدات إلى الخزينة العامة، وآخر إلى صندوق سيادي مستقل كما نصّ عليه قانون الموارد البحرية عام 2010، إذ يتم استثماره لصالح الأجيال القادمة، كما هو الحال في النرويج.
كما ستوفر الصناعة النفطية فرص عمل لا تقل عن 10 آلاف فرصة، من الاختصاصات كافة وعلى رأسها اختصاصات البترول والغاز، والوضع سينعكس إيجاباً على مشكلة الكهرباء الدائمة في لبنان، إذ إن هذا القطاع سيشهد نمواً وازدهاراً بوجود الغاز الطبيعي كوقود أساسي في إنتاج الطاقة.
أما عن البنزين فيتوقع الخبير النفطي د. ربيع ياغي أن يحلّ الغاز الطبيعي بديلاً عن البنزين في العقود القادمة، فهو برأيه أنظف وأرخص.
وبالنسبة للديون فلا قيمة تذكر لها - بحسب د. ياغي - مقارنة بالعائدات المرتقبة، لاسيما إن صحّت التوقعات بوجود نفط في البرّ اللبناني، والتي هي الآن قيد المسح الجيولوجي لتحديد مواقع التنقيب مستقبلاً، ستعلن نتائجه في الفصل الأخير من العام الجاري.
وأظهرت الدراسات أنه كلما تم التوجه نحو العمق اللبناني يرتفع احتمال وجود الغاز، وكلما تم الاقتراب نحو اليابسة يزيد احتمال وجود النفط مع الغاز، أما في المنطقة الجنوبية الغربية فيرتفع احتمال وجود BIOGENIC GAZ وTHERMOGENIC.
المصدر: النشرة الاقتصادية