أدت المخاوف المتصاعدة حيال التداعيات الاقتصادية السلبية التي ستتركها أزمة فيروس كورونا وحرب أسعار النفط إلى دفع الأسواق المالية إلى مستويات لم تشهدها منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.
في يوم الاثنين 9 آذار/ مارس انتابت الأسواق المالية نوبة شديدة من التقلبات الحادة، حيث هبطت سوق الأسهم الأمريكية بما فيها أسهم التكنولوجيا مثل سهم فيسبوك وتويتر وجوجل وغيرها لتسجل أكبر انخفاض يومي منذ 12 عام، وخسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 18% بعدما وصل لأعلى مستوياته في 19 شباط/ فبراير، ووصلت عوائد سندات الخزانة لأدنى مستوياتها على الإطلاق وقفز الذهب لأعلى مستوياته في عدة سنوات.
تأجج اضطراب السوق مع انتشار الفيروس بشكل سريع والآثار الاقتصادية المدمرة التي يُحتمل أن يسببها فيروس كوروناعلى الاقتصادات في جميع أنحاء العالم،فقد توقفت سلاسل التوريد العالمية كما تراجع الناس في الإنفاق، ووصل اضطراب السوق إلى ذروته بعد حرب الأسعار بين روسيا والمملكة العربية السعوديةالتي دفعت بأسعار النفط إلى الهبوط بأكثر من 31% مسجلًا أكبر تراجع يومي منذ حرب الخليج عام 1991.
أرسلت المخاوف من توسع الفيروس وتراجع أسعار النفط المستثمرين إلى الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب الذي قفز سعره فوق 1700 دولار للأونصة مسجلًا أعلى مستوياته منذ كانون الأول/ ديسمبر 2012.
ويهدد تفاقم انتشار فيروس كورونا بإحداث المزيد من الانتكاسات في سلاسل التوريد والاقتصادات العالمية، كما تهدد حرب الأسعار بمزيدًا من الاضطرابات في الأسواق.
حرب أسعار النفط تعمق من اضطرابات السوق
هبطت أسعار النفط بمقدار النصف مسجلة أكبر تراجع يومي منذ حرب الخليج عام 1991، بعدما قررت المملكة العربية السعودية زيادة ضخ انتاجها النفطي بدءًا من شهر نيسان/ أبريل، جاء هذا القرار بعد انهيار المفاوضات بين روسيا والسعودية، بعد أن رفضت روسيا تعميق خفض الانتاج لدعم أسعار النفط التي ستتأثر بضعف الطلب نتيجة انتشار فيروس كورونا وما سيترتب عليه من عمليات الإغلاق في عدة دول في العالم وتراجع الأنشطة الحيوية والاقتصادية.
وقد أدي تصاعد تفشي فيروس كورونا إلى تزايد المخاوف من تعميق الركود الاقتصاد العالمي، وأشارت التوقعات إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي إلى النصف، فيما قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنها تتوقع نمو الاقتصاد العالمي خلال هذا العام بنسبة 2.4% وهو الأدنى منذ عام 2009، كما توقعت هبوط النمو الاقتصادي للصين بأقل من 5% مقارنة بالعام الماضي الذي سجل نموًا بنسبة 6.1% بأبطأ نمو منذ 30 عام.
الذهب هو خيار الاستثمار الأفضل
شهدت أسعار تداول الذهب ارتفاعًا بنحو 10% منذ بداية هذا العام حتى الآن، لأنه خيار الاستثمار المفضل لدي المستثمرين ضد تقلبات الأسواق الواسعة، فمنذ بداية العام تزايدت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تليها المخاوف الناجمة عن انتشار فيروس كورونا.
في شهر آذار/ مارس ارتفعت أسعار الذهب بشكل كبير بسبب المخاوف المتصاعدة من أزمة فيروس كورونا واستمرار حرب الأسعار، مما زاد من الاقبال بكثافة على شراء الذهب كملاذ أمن، ليصل الذهب لأعلى مستوياته منذ كانون الأول/ ديسمبر 2012 عند 1702 دولار للأونصة، كما دعم شراء الذهب قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة إلى الصفر، بشكل عام يميل الذهب إلى جذب المشترين في بيئة ذات أسعار فائدة منخفضة.
الجدير بالذكر أن المعدن الأصفر ارتفع خلال عام 2019 بنحو 19% مسجلًا أكبر ارتفاع سنوي منذ عام 2010، بدعم من مجموعة من العوامل التي تشمل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والمخاوف الجيوسياسية وعدم اليقين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.