خاص B2B-SY
ربما لو أردت شراء منزل في أي عاصمة أوروبية، سيكون من السهل الحصول على منزل بمبلغ مالي مناسب ومُخدم بكهرباء لا تقطع ومياه جارية ودفء يلفك بأبسط التكاليف، لكن مع النظر قليلاً في وضع العاصمة دمشق ستكون حالتها مختلفة تماماً فالنسبة الطردية لم تنل نصيبها في سوريا، كون هذه العلاقة يجب أن تكون:
«خدمات = أسعار مرتفعة»، وتصبح العلاقة هنا عكسية بأسعار يمكن وصفها بالخيالية مع خدمات شبه معدومة.
خلال السنوات الماضية ارتفعت أسعار العقارات في دمشق لذا لجأ الشعب لاستراتيجيته التقليدية في توفير المال، وهي شراء منزل أو الانضمام إلى جمعية إسكان، وبسبب هذه الاستراتيجية حاليا هناك العديد من الوحدات السكنية، وهي إما غير مأهولة أو غير مكتملة البناء، فالعديد من المساكن غير المأهولة مجمّدة ولا يقطنها أحد.
هذا الوضع أكثر انتشارا في سوريا منه في الدول المجاورة، وغالبية مالكي العقارات غير مستعدين للإيجار، وفق ما وصفه الخبير الاقتصادي، محمد الجلالي، عبر إذاعة "ميلودي إف إم" المحلية، حيث قال إن "الإيجارات في سوريا متدنية جدا مقارنة بالنفقات والأسعار العقارية، وعلى الرغم من أن المستأجر قد يعتقد أن الإيجار الشهري مرتفع وباهظ بسبب سوء دخله، إلا أن هذا الرقم لا يمثل شيء من قيمة الشقة."
وأشار الجلالي، إلى أن هناك مؤشر عالمي على أن سعر المنزل على الإيجار الشهري في مختلف دول العالم يصل إلى 90 أو 100 شهر، بمعنى أن صاحب البيت يجب أن يستوفي ثمن منزله من الإيجار خلال 100 شهر، ولكن في سوريا يصل إلى ألف شهر وأحيانا أكثر، وبالتالي هناك عزوف عن تأجير المنازل؛ لأنه المبلغ المدفوع لقاء ذلك قليل جدا".
وتطرق الجلالي إلى دراسات تهدف إلى تشجيع الأفراد على شراء منزل، لأن امتلاك منزل ليس من أولويات السكان، نظرا لتوافر الإيجارات والقدرة على تحمل تكلفتها، والأهم من ذلك القدرة على الإيجار نتيجة لتوفر دخل كاف.
أما في سوريا، يعتبر امتلاك العقار شكلا من أشكال الأمن والمدخرات للمستقبل، وبالتالي فهو هدف لجميع الشباب، ولكن بسبب التفاوت الهائل بين الأسعار والمداخيل لعدد كبير من الشباب، أصبح هذا الحلم مستحيلا.
انخفاض الدخل وضعف قيمة الليرة السورية، اعتبرها الخبير الاقتصادي، أنها صلب القضية الحقيقية، حيث فسر بيع المواطنين لممتلكاتهم في المدينة، للانتقال إلى الأرياف، جاءت نتيجة انخفاض الدخل، وتلبية لاحتياجاتهم الأساسية.
وذكر الجلالي، أن ارتفاع أسعار المحروقات الأخير، أثر بشكل كبير على تكاليف البناء، لا سيما أن المباني السكنية تستلزم وجود آلات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود.
ونتيجة لذلك، ستؤدي الزيادة في الوقود إلى زيادة في التكاليف، الأمر الذي يتوقع أن يؤدي إلى زيادة في أسعار العقارات، كما إن الافتقار إلى الإمدادات من شأنه أن يزيد من صعوبة الاستثمار في العقارات، مشيرا إلى أن بناء بنايات سكنية جديدة في سوريا سيكون من ضمن المستحيلات.
وكانت صحيفة (الوطن) المحلية قد قالت في وقت سابق إنّ كلفة بناء منزل بمساحة 100 متر مربع في سوريا خلال العام الماضي 2021، بلغت نحو 80 مليون ليرة سورية، حيث بلغت كلفة البناء من دون الكسوة والتقطيع الداخلي (على العضم) نحو 40 مليون ليرة سورية.
ويشهد سوق العقارات في سوريا كساداً كبيراً في ظل ارتفاع المعروض مقارنة بالطلب الضعيف الناجم عن انخفاض في القدرة الشرائية للمواطنين السوريين نظراً لتدني الرواتب.
وتأتي قرارات الحكومة الأخيرة القاضية برفع الدعم عن آلاف العائلات السورية لتزيد المخاوف من لجوء الأهالي إلى بيع أملاكهم في سبيل البقاء تحت مظلة الدعم، كونه مُنِعَ عن أصحاب العقارات والسيارات ضمن شرائح معينة، كما حال بعض أصحاب السجلات التجارية، مما سيؤدي إلى ارتفاع المعروض أكثر وتفاقم حالة الكساد.