خاص B2B-SY
ارتفاع الأسعار في سوريا، لم يعد تلك المشكلة التي تنعكس سلبا على المواطنين الذين فقدوا القدرة على التكيف معها بسبب انخفاض الدخل وندرة فرص العمل فقط، بل بدأت آثارها تتجاوزهم لتصل إلى شريحة من التجار من أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والبسيطة بسبب الوضع الاقتصادي الذي تشهده في البلاد.
الوزير السابقة والخبيرة الاقتصادية لمياء عاصي قالت إن زيادة الأسعار التي تشهدها سوريا جزء منها خاضع للظروف العالمية وتكاليف وأجور الشحن وارتفاع أسعار البضائع والسلع من المصدر.
وأكدت في حديثها لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية أن الجزء الأكبر من الارتفاع سببه الاحتكار لأن المحتكرين أو “الحيتان” هم المسيطرين على بعض المواد الغذائية ويفرضون السعر المناسب لهم، وبالتالي الناس تتلقى ضربات الأسعار بشكل متتالي ما يؤثر على أسعار المواد المنتجة محليا.
وأشارت الوزيرة السابقة، أن تعقيد آليات تمويل المستوردات المعقدة بالأصل تسبب في خروج عدد كبير من المستوردين لمادة معينة من السوق، ليبقى "الحيتان" هم من يسيطرون على السوق السورية.
كما وصفت الوزيرة السابقة الوضع في سوريا بأنه "بائس وصعب"، وبأن هناك معاناة يومية نتيجة ارتفاع الأسعار، لدرجة أن أي موظف وصاحب دخل محدود يكون أمام عجز حقيقي عن تلبية احتياجاته اليومية البسيطة.
وأرجعت عاصي، أسباب سوء الوضع الاقتصادي إلى أن "الانكماش يحدث عندما يكون هناك عزوف عن الإنتاج بكافة أنواعه (الصناعي والزراعي والخدمي) فيصبح الإنتاج غير مجدي، لأن هناك تكلفة على الإنتاج ولا يوجد طلب أو استهلاك عليه".
وعند تضافر المشاكل آنفة الذكر يحدث انكماش كبير بالإنتاج الإجمالي المحلي، و كلما زاد الناتج المحلي كلما انعكس على رفاه السكان ومستوى المعيشة أما عند انكماشه فالجميع يشعر بحالة فقر وعوز وتدني بالقدرة الشرائية، وفق عاصي.
وفي سياق آخر، أشارت الوزيرة السابقة إلى أن السياسات النقدية والمالية المتبعة والمطبقة في سوريا حاليا لم تستطع أن تكون بمستوى الأزمات وإنما كانت تعالج جزء من المشاكل، "عندما يكون هناك تقييد في حركة نقل الأموال بين المحافظات أو تقييد السحب الكاش من البنوك، بالإضافة لوجود تعقيد كبير بآلية تمويل المستوردات، فهذا يسبب جمود في الحركة الإنتاجية وفي التجارة والصناعة".
وأضافت في حديثها لـ "ميلودي"، "للأسف الانكشاف أصبح واضحا، ودمشق اليوم تستورد مواد قادرة على إنتاجها محليا، وللأسف طوال 11 عاما ولم نقتنع أن الزراعة والإنتاج المحلي والاعتماد على الموارد المحلية أفضل بكثير من أي استيراد”.
وبحسب عاصي فإن "الصناعة السورية تعاني منذ السنوات الماضية من شح في منتوجات الطاقة، كما تعرضت الصناعة السورية لارتفاع مستلزمات الإنتاج ولهجرة الكفاءات وهناك تصريح لوزير الصناعة المصري يقول أن 30 بالمئة من الشركات الأجنبية هي لشركات سورية، وهذه نسبة عالية".
وفيما يخص تساؤلات الشارع السوري حول ارتفاع الأسعار رغم ثبات سعر الصرف أمام القطع الأجنبي، أوضحت عاصي أن ذلك يأتي "نتيجة لارتفاع أجور الشحن وزيادة شركات التأمين أسعار البوالص التأمينية لها بالإضافة للتكاليف المنظورة وغير المنظورة والأهم من ذلك هو عامل الاحتكار وتحكم الحيتان بأسعار المواد وبكمياتها في الأسواق، أما العبء الأكبر هو تدني القدرة الشرائية لدى المواطن، وسط تدني الرواتب ومستوى المداخيل".
عاصي ترى أن قرار المركزي السوري برفع أسعار الفائدة بأنه قرار مرتبك وغير منسجم مع الهدف منه قائلة "إذا كان الهدف منه تشجيع الإيداع فأولا سعر الفائدة يجب أن يكون أعلى من معدلات التضخم لأنه في أي بلد معدل الفائدة الحقيقي هو معدل التضخم زائد كلفة الأموال".
وتابعت أن "معدل الفائدة بسوريا بقي كما هو لفترات طويلة، رغم أن معدل التضخم كان بنسبة 100 بالمئة وهذا الذي شجع الكثير من المقترضين أن يقترضوا أموالا ويضاربوا بها على العملة ما سبب تفاقم بالتأثير السلبي".
وقالت : معدلات التضخم في السماء ومعدلات الفائدة في الأرض وبالتالي كل ماقاموا به في المركزي هو إيقاف القروض أو أي اقتراض من البنك بسبب رؤيتهم أن هذه الطريقة مناسبة لوقف عمليات المضاربة على الليرة السورية مبينةً أن هذه الطريقة أذت قيام المشاريع وأذت الناتج الإجمالي المحلي بشكل يصعب معه الاصلاح.
ويعيش غالبية السوريين أزمات متتالية، من أهمها غلاء المعيشية في البلاد والتي لا تتوافق مع مستوى رواتب ومداخيل السوريين، فضلا عن سوء الخدمات العامة من الكهرباء والمياه والغاز والخبز وغيرها من المواد الضرورية في حياة المواطنين اليومية.