يعتبر انقطاع الكهرباء أكبر المشكلات التي تواجه الدول العربية، والتي أثرت سلباً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمواطنين.
ويعود انقطاع الكهرباء في البلدان العربية إلى عوامل متعددة ومترابطة، تتعلق بالإنتاج والنقل والتوزيع والاستهلاك والتمويل.
ففي سوريا، تعرض قطاع الكهرباء لأضرار جسيمة بسبب الحرب الدائرة منذ عام 2011، حيث تم تدمير أو تعطيل عدة محطات توليد وخطوط نقل وأنابيب غاز، ما أدى إلى انخفاض القدرة الإنتاجية الاسمية من 9 آلاف ميغاواط إلى 3 آلاف ميغاواط، وانخفاض نصيب الفرد من الكهرباء من 2.2 ميغاواط ساعة في اليوم إلى 0.3 ميغاواط ساعة في اليوم.
وتفاقمت المشكلة بسبب العقوبات الدولية التي حرمت البلاد من الحصول على الوقود والقطع الغيار والتمويل اللازمين لتشغيل وإصلاح المحطات، وبسبب الفساد والهدر والسرقة والتهريب والتلاعب بالتعرفات والتقنين، حيث وصلت ساعات القطع إلى أكثر من 20 ساعة في معظم المحافظات خلا الوقت الراهن.
وبحسب موقع هاشتاغ، أثر انقطاع الكهرباء سلباً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمواطنين، حيث تضررت الصناعة والزراعة والخدمات والتعليم والصحة والاتصالات والمياه والنقل والأمن والثقافة والترفيه.
ولمواجهة هذا الوضع، اضطر الناس إلى الاعتماد على المولدات والبطاريات والطاقة الشمسية والمواقد الحطبية والشموع، مما زاد من التكاليف والمخاطر والتلوث.
أما في لبنان، فتعاني البلاد من أزمة كهربائية مزمنة منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990، حيث لم تتمكن الحكومة من توفير الكهرباء للمواطنين على مدار الساعة، بل تقتصر على ساعات محدودة تتراوح بين 3 و12 ساعة في اليوم، حسب المنطقة والفصل.
وترجع هذه الأزمة إلى عدة عوامل، منها نقص القدرة الإنتاجية، التي تبلغ حوالي 2.5 آلاف ميغاواط، مقابل طلب يصل إلى 3.5 آلاف ميغاواط، وتدهور البنية التحتية للنقل والتوزيع، والتي تسبب فقداً يصل إلى 40% من الطاقة المولدة، وارتفاع تكلفة الوقود، الذي يستورده لبنان بالكامل بالعملة الصعبة، والتي تعاني من ندرة وانهيار، وفساد الإدارة والسياسة.
ولسد العجز في الكهرباء، يلجأ الناس إلى الاشتراك مع مزودين خاصين يمتلكون مولدات ديزل، تبيع الكهرباء بأسعار مرتفعة وجودة متدنية وتلوث عالي.
وفي الأردن، تواجه البلاد تحديات في قطاع الكهرباء تتعلق بالاعتماد الكبير على الواردات النفطية، التي تشكل حوالي 96% من مصادر التوليد، والتي تتأثر بتقلبات الأسعار والإمدادات العالمية، والتي تمثل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتسعى الحكومة إلى تنويع مصادر الطاقة وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والرياحية، التي تمتلك إمكانيات كبيرة في الأردن، والتي تهدف إلى أن تشكل حوالي 20% من مجموع الطاقة المولدة بحلول عام 2020.
كما تواجه الحكومة أيضاً مشكلة في تحصيل الفواتير الكهربائية من بعض القطاعات والمناطق، خاصة في المخيمات الفلسطينية والمناطق الجنوبية، حيث توجد مقاومة شعبية واجتماعية وسياسية لدفع الرسوم.
وفي العراق، تشهد البلاد أزمة كهربائية حادة منذ الغزو الأمريكي في عام 2003، حيث تعرضت المحطات والشبكات للتخريب والسرقة والتفجير، ما أدى إلى تراجع القدرة الإنتاجية من 4.5 آلاف ميغاواط إلى 1.5 آلاف ميغاواط، وانخفاض ساعات التغذية من 20 ساعة في اليوم إلى 4 ساعات في اليوم.
ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من حل هذه الأزمة، بسبب الفوضى الأمنية والسياسية والإدارية والمالية التي تعصف بالبلاد، والتي تحول دون تنفيذ المشاريع والعقود والإصلاحات والتحصيلات، والتي تسمح بالفساد والهدر والتهريب والمحاصصة.
وفي مصر، تعرضت البلاد لأزمة كهربائية خلال الفترة من 2011 إلى 2015، حيث تفاقم الفجوة بين العرض والطلب على الكهرباء، بسبب النمو السكاني والاقتصادي والاستهلاكي، وبسبب الاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد، وبسبب نقص الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل المحطات، وتراكم الديون على الشركات المنتجة والموزعة للكهرباء، فضلاً عن تدني التعرفة الكهربائية التي تحتاج إلى دعم حكومي كبير.
وتسبب ذلك في حدوث انقطاعات متكررة ومفاجئة للكهرباء في مختلف المناطق والقطاعات، مما أثار غضب واحتجاج الشعب والمؤسسات.
ولمواجهة هذه الأزمة، اتخذت الحكومة عدة إجراءات، منها زيادة القدرة الإنتاجية بإنشاء محطات جديدة أو توسعة المحطات القائمة، وتنويع مصادر الطاقة بالاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين البنية التحتية للنقل والتوزيع والتحكم والقياس، وترشيد الاستهلاك بتطبيق برامج الكفاءة الطاقية والتوعية البيئية، وتعديل التعرفة الكهربائية بتخفيض الدعم وزيادة الأسعار تدريجياً.