شهدت الليرة السورية تحسناً كبيراً مقابل الدولار الأمريكي خلال الشهرين الماضيين، حيث ارتفعت قيمتها بأكثر من 67% مقارنة بمستوياتها يوم سقوط نظام الأسد. ومع ذلك، لم ينعكس هذا التحسن على الأسعار في الأسواق السورية بنفس النسبة، ما أثار تساؤلات حول الأسباب وراء ذلك.
تجار في دمشق أوضحوا لموقع بزنس2بزنس أن التكاليف التشغيلية المرتفعة لا تزال تعيق انخفاض الأسعار، مشيرين إلى أن أسعار الكهرباء، والمواد الأولية، وأجور العمال، وتكاليف النقل والتوزيع لم تتراجع، بل شهد بعضها ارتفاعاً، مما حال دون انعكاس تحسن الليرة على السلع والخدمات.
وأوضح أحد التجار لموقع "بزنس2بزنس" أن أسعار السلع شهدت تراجعاً ملموساً في الأسواق، لكن ليس بنفس النسبة التي تحسنت بها الليرة السورية. وأضاف أن التاجر أو الصناعي، الذي يدفع للعامل أجراً أسبوعياً يتراوح بين 300 و500 ألف ليرة، لا يمكنه تخفيض رواتب العمال بحجة انخفاض سعر الصرف، مما يحدّ من إمكانية خفض الأسعار بنفس وتيرة تحسن الليرة.
التكاليف التشغيلية لا تزال مرتفعة
و أكد التاجر لموقع بزنس2بزنس أن إيجارات العقارات لم تشهد أي انخفاض، حيث لا يزال التجار ملزمين بدفع الأجور المرتفعة، خاصة أن عقود الإيجار تُبرم سنوياً، مما يجعل تغيير موقع العمل خياراً غير عملي.
وأضاف أن تحديد أسعار السلع يتم بناءً على تكاليف الإنتاج والتشغيل، مع هامش ربح متعارف عليه، موضحاً أن الأسعار لا تتأثر فقط بسعر الصرف، بل تلعب تكاليف النقل، أجور العمال، التخزين، التوزيع والتبريد دوراً أساسياً في استمرار ارتفاع الأسعار، رغم تحسن الليرة.
منافسة إدلب والانفتاح الاقتصادي
و لفت التاجر لموقع بزنس2بزنس إلى أن المنتجات القادمة من إدلب تمتلك قدرة تنافسية عالية مقارنة بباقي المحافظات، وذلك بفضل توفر التيار الكهربائي بشكل أفضل، وسهولة دخول البضائع، والانفتاح على السوق التركية، مما يمنحها ميزة في خفض التكاليف التشغيلية.
كما اعتبر أن التحول نحو اقتصاد السوق الحر والتعامل بالدولار يساهم في تقليل الضغوط على التجار، حيث باتت الأسواق أكثر شفافية، وأصبحت الأسعار تُحدد وفق النشرات اليومية لسعر الصرف دون مخاوف من التقلبات المفاجئة.
وتوقع التاجر أن يؤدي الانفتاح الدولي المتزايد على سوريا إلى نتائج إيجابية في الفترة المقبلة، خاصة إذا تم رفع العقوبات الاقتصادية، وهو ما يأمله معظم التجار والصناعيين لدفع عجلة الاقتصاد نحو الاستقرار.
و سجل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي نهاية العام الماضي 13,400 ليرة، في حين أغلق يوم أمس الأثنين 11 شباط 2025 عند 9,800 ليرة في السوق الموازي، ما يعكس تحسنًا بنسبة 26.87% منذ بداية العام. ويأتي هذا التعافي بعد أن بلغت الليرة أدنى مستوياتها قبل شهرين، تحديدًا يوم سقوط نظام الأسد، عندما هوت في دمشق إلى 30 ألف ليرة للدولار، مما يعني ارتفاع قيمتها بنحو 67.57% منذ ذلك التراجع الحاد.