في ظل التغيرات الحادة في أسعار المعادن والعملات والعقارات في سوريا، يظل سؤال المستثمرين الأبرز: أين يضعون أموالهم؟مع بداية عام 2025، حيث شهدت الأسواق السورية تقلبات غير متوقعة، وأصبح من الصعب تحديد «الملاذ الآمن» للمستثمرين الذين يبحثون عن طرق للحفاظ على مدخراتهم.
الدولار: الخسائر الكبيرة بسبب التقلبات
في نهاية عام 2024، ارتفع سعر صرف الدولار إلى أكثر من 17 ألف ليرة، ثم صعد بشكل مفاجئ ليصل إلى 30 ألف ليرة، قبل أن يعود للانخفاض إلى حوالي 8 آلاف ليرة، ليستقر حاليًا عند 9,300 ليرة.
هذا التذبذب الحاد في سعر الدولار ألحق بخسائر فادحة بالمستثمرين الذين اعتمدوا على الادخار بالدولار، حيث لم يجنوا المكاسب التي كانوا يتوقعونها في ظل الأسعار المرتفعة في فترات سابقة.
الذهب: الملاذ التقليدي في وجه التقلبات
لطالما اعتبر الذهب أحد أقدم وسائل التحوط ضد التضخم في سوريا، لكن حتى الذهب لم يعد بمأمن من تقلبات السوق. في وقتٍ ما، وصل سعر الغرام إلى 1.5 مليون ليرة، ثم انخفض إلى 800 ألف ليرة، ليستقر الآن بالقرب من 82 دولارًا للغرام. ورغم هذا التراجع الكبير، يبقى الكثيرون يعتقدون أن الذهب هو الخيار الأفضل في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها من اشتروا بأسعار مرتفعة.
العملات الرقمية: بين المضاربة والمخاطرة
من ناحية أخرى، بدأ العديد من المستثمرين السوريين في النظر إلى العملات الرقمية كبديل للذهب، وخاصة البيتكوين، التي اكتسبت سمعة "الذهب الرقمي". ولكن، ورغم أن العملات المشفرة توفر فرصة لتحقيق عوائد مرتفعة، فإنها لا تخلو من المخاطر العالية، إذ تخضع لتقلبات حادة في الأسعار بناءً على المضاربات السوقية. فمع التطورات الاقتصادية العالمية والتغيرات في السياسات، تراجع الإقبال على العملات المشفرة ، حيث بات الكثير من المستثمرين يفضلون الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا.
العقارات: تراجع الأسعار وفرص التأجير
أما في مجال العقارات، فقد شهدت السوق السورية تباينًا حادًا في الأسعار، فبينما تعرضت بعض المناطق لانخفاضات تصل بنسبة ما بين 30% و 50%، يرى البعض أن الاستثمار العقاري لا يزال خيارًا جيدًا في حال كانت هناك فرص لتأجير العقارات وتحقيق دخل ثابت.
ورغم التحديات، يعتبر العقار أحد الأصول التي توفر تنوعًا في المحفظة الاستثمارية.
الأسهم: أمل في المستقبل بعد رفع العقوبات
بالنسبة لسوق دمشق للأوراق المالية، يعتبر الاستثمار في الأسهم من أفضل الخيارات البعيدة المدى، خاصة في ظل تراجع الأسعار إلى أدنى مستوياتها. أسعار الأسهم في السوق السورية حاليًا منخفضة، مما يفتح المجال أمام المستثمرين لتحقيق عوائد كبيرة في المستقبل.
رفع العقوبات عن البنوك السورية قد يسهم في تحفيز الاقتصاد وعودة السوق المالية للنشاط، مما سيرتفع معه احتمال زيادة قيمة الأسهم. كما أن إعادة تقييم الأصول في البنوك بعد التضخم الكبير الذي شهده الاقتصاد، سيخلق فرصًا جديدة للاستثمار في الأسهم. لكن، للأسف، سوق دمشق للأوراق المالية مغلق منذ أربعة أشهر متتالية، مما يعني أن المستثمرين لا يستطيعون الوصول إلى أموالهم أو تنفيذ الصفقات. هذا الإغلاق كان له تأثير سلبي على ثقة المستثمرين، وأدى إلى رسائل سلبية حول قدرة السوق على الاستجابة للاحتياجات الاقتصادية الحالية.
نصيحة الخبراء:
التنويع هو الحل في ظل هذه التحديات، يوصي الخبراء الاقتصاديون المستثمرين بتنويع محفظاتهم الاستثمارية، من خلال الاستثمار في عدة أصول لتقليل المخاطر، مع السعي لتحقيق مكاسب مستدامة في الأجل الطويل. فتنويع الاستثمار يساهم في تقليل آثار التقلبات في الأسواق، ويضمن التوازن المالي للمستثمرين في المستقبل.