عوامل كثيرة تجعل من الضروري أن تبقى العلاقات بين سورية والعراق متينة فالحدود بين البلدين تبلغ 650 كم ما يجعل تأمينها من مصلحة البلدين وعاملا مساعدا على تشجيع التبادل التجاري
بمختلف أشكاله سواء على صعيد الاستيراد أو التصدير أم في تنشيط تجارة الترانزيت خصوصا وان العراق يحتاج إلى الموانئ والأراضي السورية لإيصال نسبة كبيرة من مستورداته.
كما إن إعادة الحياة إلى أنبوب النفط العراقي المار عبر سورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط يشكل عاملا مهما ومؤثرا في عائدات البلدين المالية ويفتح أمام العراق منفذا توقف طويلا لتصدير نفطه إلى الخارج.
لذا فان إرساء علاقات ثابتة بين البلدين يحقق بالضرورة منافع متبادلة وان ما شهدته هذه العلاقات في الآونة الأخيرة من مؤشرات ايجابية له أهميته البالغة.
وتشير الإحصائيات بحسب بيانات تقديرية صادرة عن هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية بان هذه المؤشرات ظهرت بشكل جلي في ازدياد حجم التبادل التجاري بين البلدين ونمو نسبة الصادرات السورية الى العراق بحوالي 40٪ في العام 2011 كما كانت عليه في العام 2010.
فقد بينت دراسة صادرة عن الهيئة نسب التطورات في حركة التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة وبمقارنة لبعض مؤشرات الاقتصاد الكلي بين سورية والعراق فان الإحصاءات تشير إلى إن العراق احتل المرتبة 66 على مستوى العالم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي (ppp) والبقية بلغت 113.4 مليار دولار تليها مباشرة سورية في المرتبة 67 وبقيمة بلغت 107 مليارات دولار.
وأظهرت الدراسة أن العراق قد حقق فائضا في الموازنة بلغت (5.4+) وهذا ناتج من الإنتاج النفطي الكبير للعراق بالمقابل بلغ عجز الموازنة في سورية حوالي 4.5ـ ويعود السبب في هذا العجز المرتفع إلى عدم قدرة الإيرادات العامة على تغطية النفقات وهذه المسألة قديمة تفاقمت في هذا العام وقد تكون أكثر صعوبة لاحقا حيث أن الإيرادات التي تأتي من المصادر الضريبية وفوائض القطاع العام ليست كافية لتغطية النفقات العامة بشقيها الجاري والاستثماري منذ سنوات.
أما نصيب الفرد من الناتج (ppp) فقد كان في سورية اكبر وبقيمة قدرت بـ 4800 دولار مقابل 3800 دولار للفرد في العراق.
أما معدل البطالة في سورية فقد بلغ 8.3٪ وهذا يعتبر مؤشرا جيدا مقارنة مع العراق الذي سجل معدل البطالة فيها حوالي 15.2٪ مع الإشارة إلى الجهود التي تبذلها الحكومة السورية على جذب الاستثمارات الخارجية وتوفير المناخ الاستثماري المرن أمام المستثمرين بهدف تأمين فرص عمل للعمالة في سورية بغية الحد من انتشار البطالة.
بالمقابل كان مؤشر التضخم في سورية مرتفعا وبنسبة بلغت 4.4٪ مقابل 3.4٪ في العراق ويفسر هذا الارتفاع بمعدل التضخم في سورية بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية أهمها توقعات الأفراد حول الأسعار وتحركات سعر الصرف وتغير العرض النقدي والإجراءات الحكومية المتعلقة بأسعار السلع الإدارية التي تقدم الحكومة من خلالها الدعم للمستهلك إلى جانب تغيرات الأسعار العالمية ( التضخم المستورد) يضاف إلى مجموعة العوامل الداخلية (الحقيقية والنقدية) المفسرة لظاهرة التضخم في الاقتصاد السوري جملة المتغيرات الدولية والإقليمية وارتفاع أسعار الكثير من المواد الأولية على المستوى الدولي وخاصة النفط والغذاء .
وقد جاء في مقدمة المكونات التي ساهمت بشكل ملحوظ في هذا التضخم كل من مكون السلع الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة مساهمة قدرها 93.1٪ ومكون السكن والمياه والكهرباء والوقود بنسبة 0.66٪.
التنافسية في التجارة
وتشير الدراسة إلى أن تنافسية التجارة من أهم المحددات التي اتسمت بها تجربة البلدين بعد تبني إستراتيجية تشجيع الصادرات منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي كبديل لإستراتيجية إحلال الواردات التي سادت وخلال فترة الثلاث عقود الماضية ومن هذا المنطلق هناك مقارنة لأهم محددات التنافسية بين سورية والعراق من خلال تسهيل التجارة ومتوسط التعريفة الجمركية ومؤشر تركز الصادرات لكل من سورية والعراق.
ويعتمد تسهيل التجارة على مؤشر اللوجستيات ومؤشر سهولة التجارة عبر الحدود وأوضحت المقارنات التي بينتها الدراسة أن أداء كافة المؤشرات الفرعية لمؤشر أداء اللوجستيات هي أفضل في سورية .
كما تشير نتائج المقارنة فيما يتعلق بالتجارة عبر الحدود إلى مشاكل حقيقية في مقدمتها ارتفاع تكاليف النقل التجاري ويشمل تكاليف النقل المباشرة مثل الشحن والتأمين والتكاليف غير المباشرة مثل الجرد والتخزين الى جانب تكاليف المعابر الحدودية على الوثائق من جراء التأخير والعرقلة.
وفيما يتعلق بمتوسط التعريفة الجمركية المطبقة بين سورية والعراق فتشير الدراسة الى ارتفاع التعريفة الجمركية في سورية سواء الإجمالية أو الزراعية أو غير الزراعية كونها لم تنضم بعد الى منظمة التجارة العالمية ( الامر الذي يوحي بحماية اكبر على السلع) وذلك بسبب السياسات التجارية والصناعية المرتكزة على سياسة إحلال الواردات لحماية المنتجات الصناعية الوطنية بالمقابل فإن التعريفة في العراق منفصلة على الرغم من أن العراق عضو في منظمة التجارة العالمية.
تطور شروط التبادل
تشير الإحصاءات المبينة في الدراسة إلى أن شروط التبادل التجاري لمصلحة سورية ويفسر ذلك اقتصادياً أن سورية تستطع أن تحصل على كمية أكبر من المستوردات لقاء الكمية نفسها من الصادرات.
ففي الأعوام الخمس السابقة كان الفرق بين أسعار الصادرات والمستوردات لمصلحة سورية وقد وصلت قيمة الطن المصدر إلى العراق أعلى مستوى له في عام 2009، وبالمقابل ارتفعت قيمة الطن المستورد من العراق من خمسة آلاف ليرة عام 2005 إلى 32.1 ألف ليرة عام 2010.
تطور الميزان التجاري
تشير الإحصاءات إلى وجود فائض في الميزان التجاري بين سورية والعراق بشكل ملحوظ وصلت أعلى قيمة له عام 2009 إلى 125711 مليون ليرة وبمعدل نمو 6.1٪ عن عام 2008 بينما انخفضت الصادرات السورية إلى العراق عام 2010 بمعدل -15.6 بالمقابل تراجعت المستوردات السورية من العراق بنسبة أكبر من تراجع الصادرات وبالتالي حافظ الميزان التجاري على فائض كبير.
تركيبة الصادرات السورية
ومن حيث الهيكل السلعي للتجارة البينية بين البلدين فتشير احدث البيانات المتوفرة والمجمعة عن الهيكل السلعي للصادرات السورية إلى العراق عام 2009 إلى أن فئة الأغذية والحيوانات الحية قد شكلت حوالي 49٪ من الصادرات السورية للعراق مسجلة ارتفاعا عن العام السابق بمقدار 145٪ واستأثرت فئة المواد الكيماوية ومنتجاتها بحوالي 15٪ وأصبحت المصنوعات تشكل حوالي 14٪ كما انخفضت حصة الآلات ومعدات النقل من 15٪ عام 2008 إلى 4٪ عام 2009.
بالمقابل تراجعت حصة فئة المشروبات والتبغ من 17٪ عام 2005 الى 8٪ عام 2009.
المستوردات السورية من العراق
تشير بيانات المستوردات السورية من العراق عام 2009 إلى أن الوقود المعدني يشكل حوالي 66٪ من المستوردات تليها المواد الكيماوية ومنتجاتها بنسبة 28٪ وبالتالي فان 92٪ من المستوردات السورية من العراق محصورة في الوقود المعدني والمواد الكيماوية.