أشار اتحاد عمال دمشق إلى أن الأزمة التي تمر بها البلاد طالت جميع مفاصل الحياة (سياسية – اقتصادية – اجتماعية) وأن الرهان الأقوى على العامل الاقتصادي رغم العقوبات الأوربية والعربية في استمرار الصمود في وجه المؤامرة.
الأجنبي ما أدى لارتفاع أسعارهما بشكل جنوني وإلى تراجع القيمة الشرائية لليرة السورية على الرغم من الإجراءات التي اتخذها مصرف سورية المركزي.
إعادة النظر
وحذر التقرير وفق صحيفة تشرين "من أن تعويم العملة السورية بشكل مفاجئ ربما ينتج عنه تدهور في سعرها، لذلك لابد من مراجعة كل الإجراءات التي تم اتخاذها على وجه السرعة ودراستها بتأن وإعادة النظر بالسياسة المالية والنقدية على أسس مدروسة عن طريق تشكيل خلية أزمة من كبار الاقتصاديين والخبراء السوريين والتعامل مع المسألة بعلمية وهدوء وواقعية".
وأوضح التقرير أن إفرازات الأزمة أثرت بشكل كبير على الاقتصاد فبلغت خسائر وزارة الصناعة فقط أكثر من مليار ليرة سورية نتيجة لأعمال التخريب كما وصلت قيمة الخسائر في باقي قطاعات الدولة إلى مليارات الليرات، الأمر الذي أدى لتدهور أحوال الطبقات الفقيرة والمتوسطة وجشع بعض التجار والوسطاء ممن يتحكمون ببعض السلع الرئيسية واحتكارها وربط سعرها بسعر الدولار المباع في السوق السوداء الأمر الذي أدى إلى فلتان الأسعار في ظل غياب أي رقابة حقيقية على هذه الأسواق.
وأشار التقرير إلى أن سعر كغ السكر وصل إلى 100 ليرة في الأسبوع الماضي وبلغ سعر البيضة الواحدة 10 ليرات، والكغ الواحد من اللحم الضأن 1000 ليرة وباقة البقدونس 20 ليرة وكغ البطاطا بين 30 – 40 ليرة وعبوة الزيت النباتي سعة واحد ليتر 150 ليرة، وأنه إذا كان متوسط دخل الأسرة 20 ألف ليرة شهرياً وفي ظل فلتان الأسعار وتردّي القيمة الشرائية لليرة فإن هذا الدخل لا يكفي الأسرة السورية أكثر من 15 يوماً وهذا ما كشف عنه مكتب الإحصاء المركزي في آخر بياناته التي أشار فيها إلى أن أسعار سلة المستهلك قد ارتفعت بنسبة 72% خلال كانون الثاني الماضي محققاً ارتفاعاً مقداره 7.31 نقاط عن شهر كانون الأول 2011 وذلك يعود لارتفاع أسعار المجموعات الرئيسية التالية: مجموعة الأغذية والمشروبات غير الكحولية بمقدار 4.58 نقاط بسبب ارتفاع أسعار الخبز والحبوب واللحوم والمشروبات غير الكحولية، ومجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى 22 نقطة لارتفاع أسعار الإجارات بسبب الحركة الداخلية بين المحافظات وكذلك ارتفاع أسعار المحروقات والغاز، ومجموعة النقل بمقدار 4.04 نقاط لارتفاع ثمن المحروقات، وارتفعت مجموعة المطاعم والفنادق بمقدار 5.77 نقاط أما مجموعة السلع والخدمات المتنوعة فسجلت ارتفاعاً بمقدار 7.38 نقاط، وبأن معدل التضخم الشهري لكانون الثاني 2012 ارتفع بمقدار 4.43% والتضخم السنوي بلغ 15.67%. وبحسب تقرير اتحاد عمال دمشق فإن تحليل هذه النسب يخلص بنا إلى أن الاقتصاد قادم على مشكلة حقيقية إذا لم نقم بشكل سريع وجدّي بدراسة الأوضاع دراسة جدية وموضوعية وعلى أساس علمي ومنطقي للخروج بحل مثالي للأزمة.
أزمات بموارد الطاقة
وفيما يخص موارد الطاقة أوضح التقرير أن الحكومة لجأت إلى تخفيض سعر المازوت من 20 – 15 ليرة سورية وقوفاً عند مطالب المواطنين خلال العام الماضي فخلقت بذلك مشكلة معقدة وهي تنامي التهريب لهذه المادة بنسبة تصل إلى 40% ونتيجة للعقوبات الاقتصادية تفاقمت أزمة المازوت بسبب نقص المادة في بعض المحافظات واستغلال بعض تجار الأزمات وأصحاب محطات المحروقات وذلك عبر احتكار المازوت وبيعه بأسعار مضاعفة للمواطنين.
وبالنسبة للكهرباء رأى التقرير أن وزارة الكهرباء فشلت في وضع برنامج تقنين عادل ومن الضروري حل الموضوع وتحقيق العدالة في توزيع الكهرباء على عموم المواطنين. وفيما يتعلق بالبنزين رأى التقرير أن هناك أزمة بسبب عدم قدرة الصهاريج على نقل هذه المادة إلى جميع المحافظات بسبب الأعمال التخريبية التي طالت أنابيب نقل هذه المادة، وفيما يخص مادة الغاز أن هناك ما يثير التساؤل عن أزمة الغاز التي حصلت خلال الأشهر الماضية حيث وصل سعر العبوة إلى 800 ليرة في معظم مناطق القطر بالسوق السوداء ولم تتوافر المادة في المراكز المعتمدة ولكن فجأة تم رفع السعر الرسمي للمادة من 250 ليرة إلى 400 ليرة فتوافرت المادة في جميع مراكز التوزيع.
لماذا وصلنا إلى هنا؟
وأشار تقرير اتحاد عمال دمشق إلى النتائج السلبية للسياسات الاقتصادية التي وضعتها ونفذتها الحكومة السابقة والتي تجلت بعدم العدالة في توزيع الدخل الوطني سواء على مستوى الفرد أو المناطق وازدياد معدلات الفقر والبطالة والإهمال والفساد والتراجع عن توزيع الدعم وتحرير التجارة والأسواق دون دراسة العواقب مع عدم مراعاة القطاعات الإستراتيجية والإنتاجية ما أدى لخروج العديد من المنتجين الحقيقيين من هذه القطاعات وتحولهم إلى تجار وسماسرة في قطاع السياحة والخدمات.
بالإضافة لآثار إجراءات الحظر والمقاطعة التي فرضت على القطاعات الرئيسية في الاقتصاد لافتاً إلى أن بعض الأجهزة الحكومية لم تتمكن من الارتقاء إلى مستوى الأزمة الاقتصادية بل تخبطت في اتخاذ القرارات التي أدت إلى إشعال الأزمة بدلاً من تخفيف آثارها، وتبين أن هذه الأجهزة عاجزة تماماً عن اتخاذ أي إجراء يساهم بالتخفيف من آثار الأزمة ولذلك أصبح من الضروري بحسب التقرير تشكيل خلية أزمة قادرة ومؤهلة ولديها صلاحيات لمعالجة الآثار السلبية الناتجة عنها.
إجراءات قاصرة
ويلفت التقرير أن وزارة السياحة لجأت في الآونة الأخيرة لاستحداث مديريات لا جدوى منها علماً أن السياحة لم تسهم بقرش في الناتج المحلي الإجمالي بل كانت عبئاً على بقية القطاعات إضافة لذلك فقد تم تعيين مديرة للشركة السورية للسياحة من الخريجين الجدد من كلية التجارة والاقتصاد ولا تمتلك أدنى خبرة في المجال السياحي ويصل مرتبها مع التعويضات إلى 90 ألف ليرة فضلاً عن السيارات التي تم فرزها لهذه المديريات المحدثة علماً بأن قطاع السياحة بأكمله يئن تحت وطأة الأزمة دون أية إجراءات جديدة للعلاج.ويتابع التقرير: إن رفع أسعار البنزين والغاز في أوج الأزمة ووقف الاستيراد ثم إعادة فتحه نتج عنه آثار سلبية، ما يدفعنا للقول: إن الحكومة الحالية ساهمت في دفع الآثار السلبية للأزمة إلى ذروتها بفعل التخبط في القرار وعدم الخبرة وغياب ثقافة إدارة الأزمة لديها وعدم وجود صلاحيات وخيارات واسعة لحل الأزمة.
ويرى التقرير أن هذه الأسباب ساهمت بخسائر تقدر بمليارات الليرات في كل من قطاعات النفط والخطوط الحديدية والكهرباء والصناعة.
مطلوب لحل الأزمة
وأكد التقرير أن المطلوب لحل الأزمة إعادة إصلاح أجهزة الدولة بالركون إلى طاولة الحوار وتشكيل خلية أزمة ذات كفاءة عالية ومؤهلة تمثل جميع فئات المجتمع وإلغاء مفاعيل القرارات المتخبطة والمرتجلة وتحقيق توازن بين الحفاظ على احتياطي نقدي من القطع الأجنبي واعتماد سعر صرف معقول ومتوازن للقطع الأجنبي واعتماد سياسة عقلانية فيما يتعلق بسوق الصرف لتجنب الارتدادات السلبية لهذه السياسات على جميع شرائح المجتمع وتمكين المنشآت الصناعية والمزارعين وغيرهم من الاستمرار في الإنتاج والمحافظة على القوى العاملة في منشآتهم ومحاسبة الفاسدين وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة.