قالت مصادر الهيئة العامة لتنمية وترويج الصادرات أن دخول السوق الصينية لأي سلعة من أي بلد في العالم صعب جدا لأنه من أصعب الأسواق في العالم لاعتبارات عدة أهمها أن كل مكونات الإنتاج في الصين رخيصة وارخص من مقابلها في سورية بمراحل،
سواء بالنسبة لليد العاملة أو بالنسبة للطاقة أو المواد الأولية أو الضريبة، بل حتى الإجراءات اقل تشعبا، ما يخلق تراجعا في تكلفة السلعة وبالتالي رخصاً في أسعارها، وهو تحد كبير جدا بالنسبة للبضائع السورية في حال رغب منتجينا بدخول الأسواق الصينية، مع الأخذ بعين الاعتبار الميزات التفضيلية التي منحتها الصين للمنتجات السورية بتخفيض الرسوم الجمركية على 135 سلعة سورية على سبيل الحصر دون غيرها من بضائع الدول الأخرى.
وحول إمكانية اعتبار تدفق البضائع الصينية على دول العالم نوعاً من الإغراق، كما وصفته بعض الاقتصاديات المتقدمة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية قالت المصادر أن الإغراق موضوع أخر باعتباره يتلخص ببيع السلعة بسعر اقل من تكلفتها عمدا وبإستراتيجية ممنهجة بقصد الاستحواذ على السوق وإخراج المنافسين وسلعهم منها، حتى لو ادى ذلك – وسيؤدي حكما – إلى خسائر هائلة يتكبدها البلد الذي مارس الإغراق، على أن يعوضها بعد استحواذه على السوق، مضيفة بان هذا الوصف لا يجوز على البضائع الصينية ومنتجات الصين عموما، لان الصين تبيع المنتجات بأسعارها الحقيقية بحسب التكلفة، ولا تقصد الرخص في السعر عمدا، وقد حدث قبل فترة أن توجه احد الصناعيين السوريين إلى الصين لشراء خط إنتاج ومعمل لصنع البسكويت، فاكتشف ان تصنيع البسكويت في الصين وتصديره الى سورية ارخص تكلفة من إقامة المعمل في سورية وبيعه لان مكونات الإنتاج في الصين رخيصة، بالإضافة الى مسالة الدعم الذي تقدمه الحكومة الصينية للمنتجات والبالغة نسبتها 14% على التصدير وكذلك الحال بالنسبة الى ميزة أخرى تضاف لجانب النقل، تحدثنا عنها مرارا بالرغم من أنها حديثة نسبيا حصلت عليها سورية فقط منذ حوالي السنة، ولكن لم ينتبه إليها مجتمع الإعمال وهي تقديم الصين دعما على استيراد زيت الزيتون من سورية بمقدار 70 ليرة للكيلوغرام الواحد، أي تدفع الصين مبلغ 70 ليرة لكل كيلوغرام من زيت الزيتون السوري يصدر إليها وهو ما يعادل 1.5 دولار عندما كان سعر صرف الدولار يقارب 50 ليرة وسطيا، اما الآن فان مبلغ الدعم يقارب الدولار الواحد بعد ارتفاع أسعار الدولار في سوق الصرف السورية ومع ذلك ورغم كل هذه الميزات، لا زال السوريون يدخلون الى السوق الصينية بكميات قليلة جدا من زيت الزيتون، وقد بدأت الآن إحدى الشركات تصدر زيت الزيتون الى الصين. وكان قد سبق للهيئة العامة لتنمية وترويج الصادرات ان أعلنت ارتفاع المستوردات السورية من الصين في الفترة الأخيرة بنسبة كبيرة جدا حيث كانت هذه المستوردات تسجل نسبة 4% حينما كانت سورية تستورد بضائع بقيمة تقارب 400 مليار ليرة سنويا، أما اليوم فتستورد سورية بضائع بقيمة إجمالية تبلغ 812 مليارات ليرة سنويا، في الوقت الذي تستحوذ فيه الصين على نسبة 8.8 مليار ليرة من هذه المستوردات أي تبلغ نسبة مستوردات سورية من الصين 10%، وبالتالي فهي الشريك التجاري الثاني لسورية في الاستيراد بعد تركيا، أما في التصدير فيكاد يكون التصدير اليها معدوماً، حيث نصدر إلى الصين 1/1000 مما تصدره الصين الينا، وبعبارة أخرى فإننا في سورية نصدر للصين بدولار واحد مقابل كل ألف دولار تصدرها الصين الينا، لأجل ذلك فتكاليف الشحن الى الصين رخيصة جدا، لجهة ان البواخر والناقلات تصل الى المرافئ السورية لإفراغ حمولتها، وتعود فارغة لقلة التصدير، فيقبل الشاحن بنقل البضائع السورية الى الصين مهما كان الأجر منخفضا، وهي ميزة ايجابية جدا، ولكن الشحن لا يكون مباشرا الى الصين وإنما إلى دول شرق أسيا، مثل ماليزيا.