بيّنت دراسة أجراها المركز السوري للبحوث التنموية في الأمانة السورية للتنمية أنه بعد احتساب درجة توافق الهيكل السلعي لصادرات سورية مع الهيكل السلعي لواردات عدد من الدول والتكتلات الدولية المهمة في التجارة الخارجية في الأعوام بين 2005 و2010 تبين أن الصادرات السورية حسب مؤشر التوافق التجاري أكثر توافقاً وتزداد مع الوقت مع واردات أميركا ودول الاتحاد الأوروبي تليها الصين. على حين تنخفض درجة التوافق بشكل ملحوظ مع كل من روسيا وإيران التي انخفض معها هذا المؤشر بين عامي 2005 و2010وأوضح الباحث الرئيسي في المركز السوري للبحوث التنموية زكي محشي في تصريح لـ»الوطن» أن مؤشر التوافق التجاري المذكور لا يتعلق بقيمة الصادرات بل إنه يساعد فقط على معرفة الأسواق التي يمكن لسورية أن تدخلها ويوائم هيكلة الصادرات في دولة معينة مع هيكلة الواردات بدولة أخرى، وأنه يمكن لاتفاقية التجارة الحرة السورية الإيرانية التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 21/3/2012 والتي تتضمن تخفيض الرسوم الجمركية بين الدولتين أن تزيد نسبة الصادرات. لكن السؤال هنا حسب محشي: هل ستزيد هذه الصادرات بشكل مستدام أم آني؟ لافتاً إلى أن تقرير هذا الأمر يحتاج لدراسات معمقة تستند لجملة من المتغيرات أهمها: هل إيران هي الدولة الأكثر إمكانية لاستيراد البضائع السورية بالعالم بالعرف الاقتصادي قبل السياسي؟ وهل زيادة الصادرات مع إيران يؤثر في التنمية المستدامة داخل سورية؟ والإجابة عن هذا يعرفنا إن كانت ستحدث هناك قفزة مفاجئة بين سورية وإيران بالصادرات تبعاًُ للاتفاقية الموقعة بينهما، ويعرفنا كذلك بمدى استدامة هذه القفزة حتى لا نعيد ذات السيناريو الذي حصل حينما وقعنا اتفاقية تجارة حرة مع تركيا.
وأوضح محشي أما عن أوكرانيا التي تخطط سورية لتوقيع اتفاقية تجارة حرة معها قريباً، فإن درجة التوافق التجاري منخفضة معها أيضاً، ورغم ذلك فإن أي اتفاقية تجارة حرة لا بد لها أن تكون مفيدة وأن تنمي الصادرات، مؤكداً أنه الصادرات لن تنمو في سورية بالشكل الذي يؤدي إلى تنمية حقيقية ومستدامة ما لم تتطور المؤسسات التي تحكم العمليات التجارية، وما دامت البيئة التشريعية والقانونية غير محفزة والتنافسية السورية منخفضة فهذا يعني أن أي اتفاقية تجارة حرة نوقعها مع أي دولة بالعالم لن تكون فعالة.
وعن روسيا، بيّن أن الحركة التجارية بينها وبين سورية نشيطة، لكن لا يعني أن هناك توافقاً تجارياً كبيراً معها، فسورية تستورد من روسيا المواد الثقيلة وتصدر إليها المواد الأولية، وهذا ما يتطلب من سورية- برأيه- البحث عن أسواق بديلة فعالة وقد تكون إيران سوق بديلة، لكن ينبغي التأكد إن كان هذا البديل آنياً أم مستمراً؟ إضافة للبحث عن أسواق واعدة أخرى يمكن لها أن تكون مستمرة مثل أسواق جنوب شرق آسيا والفلبين وأندونيسيا وأستراليا وإيرلندا والتشيك وسلوفاكيا، وخاصة أن العجز التجاري المحتمل لسورية نتيجة العقوبات والمقاطعة الاقتصادية عربياً وأوروبياً سيصل إلى 25%. مشيراً إلى أن سورية لم تحاول وبشكل جدي التقرب من هذه الأسواق رغم أن دولة جنوب إفريقيا تدعمنا جيداً ويجب تقوية العلاقة معها وأيضاً فنزويلا، لكن ما يحصل أن اتفاقيات التجارة التي توقعها سورية عادة تكون انتقائية وآنية وليست مدروسة بشكل علمي يحدد استدامة الصادرات.