ضعف أداء الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الماضي في الوقت الذي أبقى فيه الحدث الرئيسي، أي قرار اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة حول معدل الفائدة، المجال مفتوحاً أمام اتخاذ إجراءات إضافية.
فبعد الاجتماع الذي استمر لمدة يومين، خرج برنانكي مدير المصرف الاحتياطي الفدرالي يوم الأربعاء ليصرح بأن معدلات الفائدة لم تتغير وهي باقية عند معدل 0.25%، وأفاد بإن المصرف الاحتياطي الفدرالي "مستعد للقيام بالمزيد" إذا ضعفت الحالة الاقتصادية أكثر.
ومع اعتماده لنبرة أكثر ودية، تبدو هذه الحركة وكأنها تمنح الاقتصاد بوليصة تأمين في مواجهة النمو المتباطئ - فمن ناحية ترك برنانكي المجال مفتوحاً أمام خيار اتخاذ إجراءات تقشف إضافية، ولكن فقط في حالة تباطؤ النتائج وضعف مسار نمو سوق العمل.
البنك الفدرالي الأمريكي يبقى معدلات الفائدة منخفضة بسبب النمو البطيء
كان أغلب البيان الصادر عن صناع السياسة عبارة عن مراجعة لاجتماعاتهم السابقة، حيث ستبقى معدلات الفائدة منخفضة بشكل استثنائي حتى عام 2014 بسبب نمو الاقتصاد الحالي بشكل متواضع. أما بالنسبة لتقييمهم القادم لوضع الاقتصاد الأمريكي، فإن المصرف الاحتياطي الفدرالي قام بتحديث توقعاته بالنسبة لعام 2012. فقد كان من المتوقع أن يزداد معدل النمو في الولايات المتحدة إلى 2.4% - 2.9% (مرتفعاً عن توقعات شهر يناير البالغة 2.2% - 2.7%)، وكان من المتوقع أن يهبط معدل البطالة إلى 7.8%-8.0% (منخفضاً عن توقعات يناير البالغة 8.2%-8.5%) في حين كان من المتوقع أن يزداد التضخم إلى 1.9% -2.0% (مرتفعاً من 1.4% - 1.8%).
أما بالنسبة لعام 2013، فإنه من المتوقع أن يكون كل من النمو والتضخم أضعف من توقعات شهر يناير. كان الانطباع العام الإجمالي المستقى من اجتماع اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة إيجابياً على الأسواق، ما ساعد في رفع أسعار الأسهم الأمريكية هذا الأسبوع وعودة مؤشر S&P إلى مستوى 1400. كما حظي قطاع الأسهم الأمريكية ببعض الارتفاع عقب سلسلة من المكتسبات القوية التي حصدها خلال الربع الأول من العام.
ومن بين بعض أهم التصريحات الرئيسة كان إعلان شركة آبل عن صافي دخلها الذي يقارب ضعفي ما حصلت عليه منذ سنة مضت والذي وصل إلى 11.6 مليار دولار أمريكي، إلى جانب الشركات ذات التأثير الأقوى في الأسواق مثل فورد وأمازون اللتين تجاوزتا التوقعات أيضاً. ثم انتهت الأجندة الاقتصادية بطريقة سلبية نوعاً ما، مع الإعلان المخيب للآمال يوم الجمعة عن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة عن الربع الأول من العام والذي بلغ 2.2%، وهو أقلّ بكثير من التوقعات البالغة 2.5%.
استمرار ضعف اليورو وسط التقلبات السياسية والمؤشرات الاقتصادية الضعيفة
وفي أوروبا، على الجانب المقابل من المحيط الأطلسي، كان الأسبوع الماضي حافلاً بالنسبة لليورو على الصعيدين السياسي والاقتصادي. حيث حملت بداية الأسبوع ضربة للأسهم الأوروبية وبعض العملات الأوروبية عقب بعض التطورات السياسية الكبيرة في منطقة اليورو. شهدت نهاية الأسبوع الماضي تغلب المرشح الاشتراكي لرئاسة الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند (والذي كان ناقداً وبشدّة لإجراءات التقشف الأخيرة) على منافسه ساركوزي في الجولة الأولى من التصويت، ما يضع التزام فرنسا بالقضية الأوروبية موضع تساؤل. وتبع ذلك سقوط الحكومة الهولندية يوم الاثنين بعد استقالة الحزب الحاكم عقب الفشل في التوصل إلى اتفاق حول الإجراءات المالية.
وعلى الرغم من أن معظم المشاكل السياسية لا تزال معزولة عن دول مضطربة بالأساس مثل اليونان، فإن تطورات هذا الأسبوع القادمة من بعض الدول الأوروبية القوية أدت إلى تراجع الرغبة بالمخاطرة، ما شكل إحدى أولى العلامات على حالة التراجع والارتباك السياسي. وما زاد الأمور سوءاً هو إشارة الأرقام الاقتصادية إلى وجود تباطؤ في منطقة اليورو وألمانيا، حيث انخفضت بيانات المؤشر الألماني لمدراء المشتريات إلى 46.3، في حين كانت التوقعات 49 والقراءة السابقة هي 48.4، بينما انخفضت بيانات مؤشر مدراء المشتريات عن أوروبا بالمجمل إلى 46.0، في مقابل توقعات بلغت 48.1، وقراءة سابقة بلغت 47.7. وكي يكتمل مسار الأرقام الضعيفة لهذا الأسبوع، فقد أظهرت مسوحات الثقة انخفاض كل من ثقة المستهلكين والاقتصاد والصناعة في منطقة اليورو بكاملها.
وإذا ما أضفنا المخاوف الناجمة عن تردي الوضع السياسي واحتمالات النمو الضعيف في منطقة اليورو، فإن اليورو قد دخل شهره العشرين وهو ضعيف في مواجهة الجنيه الإسترليني وانخفض إلى مستوى 1.31 في مواجهة الدولار الأمريكي.
وقد تمكن اليورو من تحمل بعض خسائره مقابل الدولار الأمريكي بحلول نهاية الأسبوع، حيث أدى قرار اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة إلى ضعف الدولار بشكل عام. وأخيراً، فقد قامت هيئة التصنيف S&P يوم الجمعة بتخفيض تصنيف إسبانيا إلىBBB+، وهي خطوة سلبية على خلفية مسيرة الموازنة المتدهورة ونسبة المخاطرة الكبيرة على الدين العام الإسباني.
المصرف الاحتياطي الأسترالي قد يخفّض معدلات الفائدة
أما بالنسبة إلى الأسبوع القادم، فمن المتوقع أن تحول الأسواق تركيزها نحو قرارات معدل الفائدة التي ستصدر عن المصرف الاحتياطي الأسترالي (يوم الثلاثاء عند الساعة 04:30 بتوقيت جرينتش) وبنك أوروبا المركزي (الخميس 11:45 بتوقيت جرينتش). ومن غير المتوقع أن يقوم بنك أوروبا المركزي بتغيير معدلات الفائدة البالغة 1.00%، إلا أن المصرف الاحتياطي الأسترالي قد يقوم بخفض معدلات الفائدة إلى 4.00% نتيجة أسعار المستهلكين الضعيفة، فقد أظهرت البيانات الأخيرة انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين السنوي إلى 1.6%، مقابل التوقعات البالغة 2.2% والقراءة السابقة البالغة 3.1%. وفي حال تحقق ذلك، فإن الدولار الأسترالي سيضعف وقد يتراوح زوج العملات AUD/USD في المجال بين 1.0150 - 1.0200 حيث لقي مستوى دعم جيد مؤخراً.
وأخيراً، سيتحدّد مسار هذا الأسبوع عند صدور بيانات رواتب القطاع غير الزراعي للولايات المتحدة، والتي من المتوقع أن تظهر حوالي 200 ألف وظيفة جديدة مع بقاء معدل البطالة العام دون تغيير عند 8.2%. ستنتظر الأسواق هذا التقرير باهتمام كبير، خاصة بعد تعليقات اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة الصادرة في الأسبوع الماضي. كان تقرير الوظائف الصادر في شهر مارس أضعف ووصل إلى 120 ألف وظيفة جديدة، وهبط عن فترة الأشهر الثلاث السابقة التي كان متوسط عدد الوظائف المحدثة فيها يبلغ 146 ألفاً.
المصدر: جوراف كاشياب، مدير مكتب بورصة دبي للذهب والسلع لدى شركة Alpari ME DMCC