رفعت غرفة تجارة دمشق مذكرة تفصيلية إلى رئاسة مجلس الوزراء حول قرار تعليق استيراد السلع التي يزيد رسمها الجمركي على 5%
وفي التفاصيل بيّنت المذكرة أن القرار المذكور أحدث انعكاساً سلبياً كبيراً لدى الأوساط التجارية والمستهلكين على حد سواء وأنه رغم الظروف التي تمر بها سورية والتي قد تبرر جزءاً من أسباب صدوره مثل الحفاظ على رصيد سورية من القطع الأجنبي، ولتخفيف الاستهلاك المحلي من السلع الكمالية المستوردة والتركيز على تأمين السلع الضرورية والأساسية.
إلا أن هذا القرار قد أحدث جملة من المنعكسات غير المبررة التي تتجلى في أنه لم يوضح قوائم السلع التي سيشملها ما أحدث ارتباكاً كبيراً لدى التجار والمستوردين وأدى بشكل فوري لارتفاع أسعار العديد من السلع المحتمل أن يشملها هذا القرار كما أن السلع التي تزيد نسبة رسومها على 5% تشكل ما يزيد على 80% من المواد المستوردة وهي في جزء منها سلع غذائية أساسية غير كمالية ولا يوجد لها بديل من الإنتاج المحلي.
وبيّنت المذكرة أن القرار لم يوضح تصنيف السلع الكمالية من الأساسية في معرض التقيد والمنع ولا الفترة التي سيشملها هذا المنع.
وأوضحت أن قطاع البناء والتشييد الذي يشكل بقطاعاته ومهنه الجزء الأكبر من العمالة والتشغيل وأن أي نقص في المواد المستخدمة في هذا القطاع سيؤدي لمضاعفات خطرة في مقدمتها تفاقم مشكلة البطالة، وارتفاع أسعار المساكن التي تعاني أصلاً من ارتفاعات غير مبررة.. إضافة إلى تطبيق القرار على السلع ومواد عديدة يحتاجها المواطن في حياته ومعيشته سيؤدي إلى اختفاء هذه السلع من الأسواق الرسمية وعودة ظهورها بصورة غير نظامية عبر تهريبها نظراً لاعتياد المواطن على شرائها أو لأهمية وجودها مثل (الكمبيوترات) كما أن ندرة السلع في السوق ستؤدي إلى ارتفاع أسعار ما هو متاح منها كمخزون ولارتفاع أسعار بديلها المحلي أيضاً لعدم وجود منافسة في السوق المحلية.
ورأت المذكرة أن هدف إصدار هذا القرار المتمثل بتنشيط عمل المعامل والورشات المحلية التي تعرضت للإغلاق والانسحاب نتيجة منافسة السلع الأجنبية المستوردة لن يتحقق بالسهولة المتوقعة ويحتاج لفترة زمنية لتعود هذه المعامل والورشات للعمل وخلق فرص العمل ما سيؤدي إلى انخفاض في العرض السلعي المحلي البديل للسلع المستوردة وارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وذكرت غرفة تجارة دمشق في مذكرتها أن التحرير المتسرع للسلع الذي تم في المراحل السابقة لم يترافق بالسماح بإنتاج جميع السلع من قبل القطاع الخاص بل أن سلعاً كثيرة ظلت غير مسموح تصنيعها لوجود بديل محلي من القطاع العام مثل (أجهزة التلفزيون) وفي قرار مفاجئ سمح باستيرادها من جميع دول العالم ولم يكن هناك بدائل محلية من القطاع الخاص الذي فضل في هذه الحالة الاستيراد لفقدان مبررات التصنيع المحلي.
ورأت الغرفة أن القرار سيؤدي إلى انعكاسات سلبية حتى على المصنوعات المحلية ومنها صناعة الألبسة بجميع أشكالها التي تستخدم العديد من مستلزمات الإنتاج المستوردة، والتي شملها قرار التعليق.
وقالت المذكرة: إن هناك مولات ومحلات كبرى اعتمد افتتاحها وتجهيزها على العديد من السلع المستوردة والتي سيؤدي تعليقها إلى إغلاقها وتسريح موظفيها.
كما أن أحكام التجارة الخارجية السورية مرّت بأطوار مختلفة من المنع والتقييد والحصر إلى السماح ضمن مخصصات للصناعيين ومن ثم إلى التحرير الكامل والآن إلى التعليق المؤقت وهذه التبدلات تربك المستوردين ولا تجعلهم يعملون في جو مستقر وواضح.
كما أن هذا القرار سيؤدي إلى تراجع الصادرات السورية إلى الدول العربية والتي حققت فائضاً كبيراً في الأعوام السابقة في حال قامت هذه الدول بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة للسلع العربية.
كما رأت الغرفة أن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر بالقرار وفق التالي:
-تحديد السلع الكمالية التي سيجري تقييد استيرادها بدقة ووضوح على أن تكون هي بالفعل سلع كمالية ويمكن للمواطن أن يستغني عنها في هذه الظروف ويتوافر بالوقت ذاته القطع الأجنبي لاستيرادها.
-أن يتم تحديد المدد التي سيتم وقف الاستيراد خلالها بشكل واضح وصريح ليبرمج المستوردون أوضاعهم والاتفاقيات التي عقدوها مع الجهات الأجنبية المصدرة.
-تحديد مصير السلع والمواد المشحونة إلى سورية قبل صدور هذا القرار والتي لم تصل بعد للموانئ السورية أو التي وصلت فعلاً والبضاعة التي يتم استيرادها بطريقة (ضد البوالص) أو التي لا تحتاج لفتح اعتمادات مستندية أو التي لا تحتاج لإجازات استيراد مسبقة والبضاعة الموجودة في المناطق الحرة السورية الجاهزة للشحن من بلد المنشأ أو المصدر والمتعاقد عليها في فترات سابقة فهذه السلع –وحسب المذكرة- من الضروري السماح بإدخالها ضمن هذه الشروط حتى ولو كانت كمالية لأنه تم التعاقد عليها مع الجهات الأجنبية في ضوء ظروف وقرارات تسمح بإدخالها.
واقترحت غرفة تجارة دمشق في مذكرتها أن يتم رفع شرعية الرسوم الجمركية للسلع المقترح تعليق استيرادها لتستهدف فعلاً سلعاً كمالية، مع إعادة النظر باتفاقيات الإعفاء الجمركي مع الدول العربية والمجاورة والتي أضرت بالصناعة المحلية لكونها أغرقت السوق المحلية بالسلع الاستهلاكية من خلال تجميد العمل بها لفترة مؤقتة، إضافة الى ضرورة تحديد السلع المنتجة محلياً التي أشار القرار بمنع استيراد ما يماثلها وتحديد الطاقات الفعلية لهذه المنشآت وقدرتها على تلبية السوق المحلية.
وأوضحت المذكرة أنه ومع إقرار غرفة التجارة بأن الانفتاح المتسرع الذي شهدته التجارة الخارجية السورية أدى إلى أضرار بالمنتجات المحلية وتراجع أو توقف الكثير من المنشآت الصناعية عن العمل إلا أن أسباباً أخرى ساهمت بهذه الأضرار منها ارتفاع تكاليف إنتاج هذه المواد ابتداء من المواد الأولية المستوردة وتكاليف الشحن والنقل والطاقة بجميع فروعها ما يستدعي إعادة النظر وبالسرعة القصوى بعناصر التكاليف باتجاه تخفيضها ما أمكن لتستطيع تلك المنتجات تغطية حاجة السوق المحلية.
ورأت المذكرة ضرورة استخدام أساليب أخرى لتقييد الاستيراد كإعادة العمل بأسلوب إجازة الاستيراد المسبقة ورفع الرسوم الجمركية بشكل كبير على السلع الكمالية لتقييد كميات استيرادها وبالتالي استهلاكها لارتفاع أسعارها، كما أن توقف بعض الأنشطة المعتمدة على سلع مستوردة سيؤدي حتماً إلى تسريح عدد من العمال والموظفين.
وخلصت المذكرة إلى أن القرار سيؤدي بالمطلق إلى منعكسات سلبية على الحياة العامة للمواطن خاصة على الصعيد المعيشي وعلى صعيد مناخ العمل والاستثمار والتجارة كما انه سيؤدي إلى نتائج سلبية تفوق ما هو متوقع منه على الصعيد الاقتصادي خاصة في مرحلة دقيقة تعيشها سورية تتطلب تعاضد وتكاتف جميع المواطنين بجميع شرائحهم ومهنهم.
إضافة لذلك إن هذا القرار وبالطريقة الأحادية والمفاجئة التي صدر بها يعاكس ما تعلنه الحكومة عن قيام شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال إصدار القوانين والتشريعات فكيف يمكن الترويج لهذه الشراكة في ظل عدم مشاورة أحد أهم ممثل لقطاع التجارة والمستوردين وهو غرفة التجارة السورية في مبررات صدور هذا القرار وانعكاساته السلبية.