قال رئيس اتحاد عمال دمشق جمال القادري انه على الرغم من كل التصريحات والملاحظات التي قيلت عبر الإعلام عن مشروع قانون التقاعد المبكر إلا أن مشروع القانون لم يصل إلى التنظيم العمالي ولم يطلع عليه ممثلو العمال لإبداء الرأي فيه، مبدياً استغرابه من مناقشة أو إعداد مشروع قانون لم تسلم منه نسخة للتنظيم العمالي.
وأضاف القادري في تصريح لصحيفة (الثورة) أن التنظيم العمالي يؤيد كل خطوة تهدف إلى إصلاح وتطوير شركات القطاع العام وإعادة الحيوية إليها، ولكن قانون التقاعد المبكر بالنظر إليه كخطوة باتجاه ضخ دم جديد في عمالة القطاع العام وتخليص هذا القطاع من التثقيلات المتعلقة بالتكلفة والعمالة المتقدمة بالسن وسواها من العوامل هو خطوة ايجابية أما النظر إليه من الناحية الاقتصادية والاجتماعية في ظل تعذر التوسع الأفقي بالاستثمارات والراسية في القطاع العام وفي ظل تعذر استثمارات القطاع الخاص ، وكخطوة لخلق فرص العمل أمام العاطلين عن العمل من الأجيال الشابة فينظر إليه العمال من منظور ايجابي ولكن العمال لهم بعض الهواجس فيما يتعلق بهذا المشروع أولها المحافظة على الصفة الاختيارية لهذا القانون أي أن تكون الاستفادة منه اختيارية كما ورد في مشروع القانون المقدم سابقا بحيث يكون التقاعد المبكر بموافقة العامل وموافقة المؤسسة التي يعمل فيها العامل بحيث لا يكون القانون مقدمة لاستنزاف الكوادر من مؤسسات وجهات القطاع العام على اختلافها أي أن يكون للمؤسسة حق الرفض أن كان العامل جيد وخبيرا بحيث يكون حق العامل مؤمنا وحق المؤسسة محفوظا، أما التحفظ الثاني الذي أبداه العمال سابقا ويعيدون التأكيد عليه فهو موضوع تمويل الأعباء المالية الناجمة عن تنفيذ قانون التقاعد المبكر وهو تحفظ كبير جدا أن كان المشروع الحالي يتضمن التمويل عبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لان هذه المؤسسة غير قادرة حاليا على تحمل أعباء هذا القانون وباعتباره مشكلة اقتصادية عامة لماذا لا تتحمل الخزينة العامة للدولة هذه الأعباء، بالنظر إلى أن تطبيق القانون على حساب المؤسسة سيؤدي إلى إفلاسها وتضرر كل الجهات المستفيدة من الخدمات التي تقدمها مؤسسة التأمينات.
أما المشكلة الثالثة الأكثر خطورة على اتحاد العمال والنقابات فهي صناديق المساعدة في النقابات وصندوق التكافل الاجتماعي في الاتحادات العمالية على مستوى المحافظات فعندما يحال العمال إلى التقاعد بإعداد كبيرة سيؤدي ذلك حكما إلى إفلاس هذه الصناديق لذلك يتطلب إعداد القانون ومناقشته بالنظر إلى وضع هذه الصناديق وكيفية تمكينها من مواجهة مثل هذه الخطوة، أما التحفظ الأخير لاتحاد نقابات العمال على مشروع قانون التقاعد المبكر فهو أن هذا القانون له صلة وثيقة جدا بالعمالة والعمال وهي شريحة منظمة ضمن نقابات العمال واتحاداتها، وصدور التسريبات عن هذا المشروع في الأعلام من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل دون أي تشاور أو حوار مع اتحاد العمال يجعل التنظيم النقابي يضع الكثير من إشارات استفهام على هذا المشروع ويجعله يقف ضده لذلك فالتنظيم العمالي من حيث المبدأ لا يرفض أي خطوة إصلاحية أن كان على صعيد العمال كطرف أساسي في العملية الإنتاجية أو على صعيد تطوير التقانة في هذه المؤسسات ولكن من حيث الجوهر يريد التنظيم العمالي أن تكون أي خطوة وخاصة فيما يتعلق بالعمال أن تتم بالتشاور والتنسيق مع الاتحاد العمالي والنقابات بحيث يصدر هذا القانون مراعيا لمصالح وحقوق كل أطراف العملية الإنتاجية.
أما عن سبب عدم قدرة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على القيام بالأعباء المالية لمفاعيل هذا المشروع فقال القادري أن التأمينات غير قادرة بسبب الأعباء الهائلة التي تتحملها أساساً إضافةً إلى أن أموالها موجودة على شكل ديون على القطاعين العام والخاص حيث تشكل الذمة المالية المترتبة على القطاع العام لصالح التأمينات مبلغاً يصل إلى مليار ليرة لا تسدد منها جهات القطاع العام شيئا، إضافة إلى 50 مليار ليرة أخرى على جهات القطاع الخاص لم يدفع منها ليرة واحدة ناهيك عن الفاقد التأميني الكبير جدا نتيجة تهرب أرباب العمل من تسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية ونتيجة عدم قدرة وزارة العمل على تأمين الكوادر اللازمة لإلزام أرباب العمل على تسجيل عمالهم ، وبرأيي (يتابع القادري) كان من الاوفق بالنسبة لوزارة العمل قبل أن تهرول باتجاه إعداد مشروع قانون التقاعد المبكر تنفيذ القوانين التي استصدرتها مثل قانون العمل رقم 17 الذي يلزم كل أرباب العمل بالتأمين على عمالهم وبالرواتب الحالية للعمال ويوقع جزاءات كبيرة عليهم في حال عدم التأمين ولكن ذلك وللأسف لم ينفذ والحجة دائما وابدأ هي عدم قدرة وزارة العمل على تنفيذ هذا القانون نتيجة عدم توفر الكادر البشري لديها وبالتالي ان لم تكن القدرة موجودة لماذا كان التهافت على إصدار هذا القانون.