أعلنت الحكومة العراقية أنها قررت التريث في قضية حذف الأصفار من العملة وتغييرها، وذلك بسبب الكتلة النقدية الهائلة التي يتوجب خزنها وإتلافها، في وقت عبر فيه البنك المركزي العراقي ولأول مرة عن تفهمه لهذا القرار.
وقال الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق، في تصريح صحافي، إن «وجهة نظر الحكومة في قضية حذف الأصفار من العملة، وتغييرها، هي التريث في الموضوع لأن المسألة ليست لها الأولوية في الوقت الحاضر»، مؤكدا أن «مجلس الوزراء يدرس حاليا الإمكانيات والظروف المتاحة لمثل هذه العملية». وأضاف العلاق «إننا لسنا متأكدين من أننا قادرون على ضبط عملية سحب الأموال الكبيرة في مثل هذه الظروف»، داعيا إلى «عدم التعجل في الأمر لأن مجرد التفكير في سحب ما يقرب من 30 إلى 40 تريليون دينار وخزنها وإتلافها يحتاج إلى دراسة جدية للموضوع». وأكد العلاق «عدم وجود مشكلة في العملة الحالية لأن الكثير من الدول تتعامل بهذه الطريقة».
من جهته، أكد نائب محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور مظهر محمد صالح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في كل الأحوال ومهما كانت قناعتنا كبنك مركزي فإنه لا بد من احترام وجهة نظر الحكومة في هذه القضية الحساسة»، مشيرا إلى أن «ما عبر عنه أمين عام مجلس الوزراء ليس جديدا في الواقع على صعيد التريث في حذف الأصفار، وإنما كانت هذه قناعة مجلس الوزراء منذ البداية». وأضاف صالح أنه «من الناحية المنطقية فإنه من دون التعاون بين الحكومة والبنك المركزي فإنه لا يمكن تطبيق هذا الإجراء»، مشيرا إلى أن «الحكومة هي المسؤولة عن السياسة المالية، وإن كنا نملك سلطة الإصدار». وأكد أن «هناك مسألة مهمة تتعلق بالنظام الحسابي، حيث إن حذف ثلاثة أصفار يعني حذف ثلاث مراتب من النظام الحسابي في العراق». واعتبر صالح أن «الحكومة لها وجهة نظر في هذه القضية، وإننا نحتاج إلى تكييف حكومي لما نريد الإقدام عليه»، داعيا في الوقت نفسه إلى «تشكيل لجنة ثلاثية من الحكومة والبرلمان والبنك المركزي من أجل بحث هذه المسألة من أوجه مختلفة والتوصل إلى قرار صائب بشأنها».
من جهته، أكد الدكتور عبد الحسين العنبكي، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء نوري المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من الخطأ القيام بهذا الإجراء في الوقت الحاضر»، معتبرا أن «كلفة استبدال العملة ستشكل عبئا إضافيا وربما فرصة للفساد». ودعا العنبكي إلى «مكننة الجهاز المصرفي وإيجاد الصراف الآلي والحوالات الإلكترونية والتداول الإلكتروني وتجاوز الوظائف الكلاسيكية للمصارف إلى الوظائف الحديثة وبالأدوات الحديثة، وتطوير نظام إدارة المخاطر ونظام الائتمان لدعم جهود التنمية والإعمار»، مشيرا إلى أن «هذه المجالات سوف تفيد البلد والمواطنين حينها وأرصدتهم التي تتآكل بالتضخم الذي ما برحنا نصفه بأنه متأت من صدمة عرض يعاني منها الاقتصاد العراقي وتوقف ماكينة الإنتاج، فضلا عن كونه تضخما مدفوعا بالكلف العالية للإنتاج بسبب انهيار البنى التحتية وتراجع منظومة الخدمات العامة، بما فيها الأمن وغياب كامل لأي وفورات خارجية، وكلها أسباب حقيقية يفترض أن تعالج بإجراءات حقيقية وليس بمجرد حذف الأصفار».
المصدر: الشرق الأوسط