أحال مجلس الشعب خلال جلسته الخميس الماضي إلى لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية، والخدمات مشروع القانون الخاص بتنظيم الوظيفة العامة لدراسته موضوعاً وإعداد التقارير اللازمة حوله، وذلك بعد موافقة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية على جواز النظر به دستورياً.
ويتضمن مشروع القانون تأليف مجلس أعلى للوظيفة العامة، يتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة وتنميتها، ووضع التشريعات واللوائح التنظيمية والتعليمات والإرشادات والضوابط اللازمة لذلك، ورسم الخطوط العريضة لتخطيط وإدارة الموارد البشرية في الجهات العامة، بهدف تطوير الوظيفة العامة كواحدة من أهم الأسس التي تبنى عليها برامج الإصلاح الإداري والمؤسساتي، وتمهيداً لتعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة، بما يوفر الأطر التنظيمية اللازمة بالتوافق مع الرؤية العامة للإصلاح الإداري التي تعتمدها الحكومة.
وجاء في الأسباب الموجبة لمشروع القانون: إن الوظيفة العامة تعاني اليوم مجموعة من الصعوبات التي تتعلق بسلالم الأجور والتعويضات، أو بتخطيط وإدارة الموارد البشرية، وبالعمالة وآليات ترشيدها، أو بتوصيف المهام والمسؤوليات وإجراءات العمل، أو بقياس جميع العاملين في الدولة «في القطاعات الإدارية والخدمية والاقتصادية، إلخ» بمقياس واحد، وعدم انتظامهم في مسالك وظيفية متعددة تعبر عن الاختلاف في مهامهم وطبيعة عملهم، أو بمعايير وآليات تقييم الأداء، أو بعدم وجود معايير واضحة لاختيار أصلح المرشحين لشغل الوظائف، وبخاصة وظائف الإدارة العليا، أو بتعريف المسارات الوظيفية وما يرتبط من برامج التأهيل والتدريب، ما يتطلب إيجاد الحلول المناسبة لمعالجة هذه المشكلات عبر وضع جملة من التشريعات واللوائح التنظيمية، المبنية على دراسات للوضع الراهن للوظيفة العامة وأفضل الممارسات العالمية، بحيث يجري الانتقال تدريجياً إلى الوضع الجديد المرغوب مع ضمان حقوق العاملين في الدولة، وتحفيزهم على إنجاز المهام الموكلة إليهم على أفضل وجه.
ويطبق مشروع القانون المذكور في حال إقراره مع مراعاة قوانين وأنظمة التوظيف والاستخدام وأنظمة العمل والعاملين الخاصة، وتسري أحكامه على جميع الجهات العامة، بما يحقق مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص والاستحقاق والجدارة في إشغال الوظائف، والمساواة في معاملة العاملين ذوي الأوضاع المتماثلة فيما يتعلق بالحقوق والواجبات والمسؤوليات الوظيفية، والشفافية والمساءلة والثواب والعقاب، وضرورة وجود إجراءات عمل موثقة وواضحة ومعلنة، وضمان الكفاءة في الأداء وتقديم الخدمة.
مجلس أعلى للوظيفة العامة
وبحسب مشروع القانون يؤلف المجلس الأعلى للوظيفة العامة برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء الإدارة المحلية والمالية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والعمل، والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي ومستشار في مجلس الدولة، وعميد المعهد الوطني للإدارة العامة ورئيس الجهاز التنفيذي للوظيفة العامة، إضافة إلى اثنين من ذوي الخبرة والاختصاص يسميهم رئيس مجلس الوزراء لمدة سنتين قابلة للتجديد، ويضاف إلى عضوية المجلس رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال عند مناقشة الموضوعات التي تخص شؤون العاملين في الجهات العامة.
ويتولى المجلس تنظيم شؤون الوظيفة العامة، ويتخذ قراراته وتوصياته بأغلبية أصوات الحاضرين من أعضائه، وفي حال تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي منه رئيس المجلس، ويدعى الوزير المختص أو من هو في حكمه إلى حضور الجلسة عند مناقشة ما يتعلق بإدارته من موضوعات، ولرئيس المجلس أيضاً دعوة من يراه مناسباً إلى حضور الجلسات، ويحق لمن دعي أن يشارك في المناقشات دون أن يكون له حق التصويت.
ويتولى المجلس اقتراح السياسات العامة للدولة في مجال الوظيفة العامة، ووضع الخطط الإستراتيجية المرتبطة بها، واقتراح التشريعات المتعلقة بالوظيفة العامة، أو إبداء الرأي في هذه التشريعات عند إحالتها إليه من رئيس مجلس الوزراء، كما يتولى إقرار التعليمات اللازمة لتنفيذ القوانين والأنظمة المتعلقة بالوظيفة العامة، والإشراف على حسن تطبيقها، وإقرار أسس تحديد المسالك والمراتب في الوظيفة العامة وقواعد نقل العاملين من سلك إلى آخر، وبين الجهات العامة، كما يتولى إقرار الأنظمة والتعليمات المتعلقة بتخطيط وإدارة وتنمية الموارد البشرية لدى الجهات العامة، متضمنة بوجه خاص أسس الاختيار والتعيين وتصنيف وتوصيف الوظائف، ومواعيد الدوام الرسمي والإجازات والإجراءات التأديبية ومعالجة الشكاوى والتظلمات.
كما يتولى المجلس إقرار ضوابط اختيار المرشحين لشغل الوظائف وتحديد المؤهلات اللازمة لذلك، وإقرار أسس ومعايير تقييم الأداء الفردي والمؤسسي، وإقرار القواعد الخاصة ببرامج تأهيل وتدريب العاملين في الوظيفة العامة، والإشراف على حسن تطبيق هذه القواعد عبر الجهاز التنفيذي.
ويتولى المجلس أيضاً دراسة الترشيحات لشغل الوظائف العليا في الجهات العامة وإقرار اختيار المرشح المناسب لهذه الوظائف التي يُعيَّن شاغلوها بمرسوم أو بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
كما يقوم المجلس بتقديم التوصيات إلى مجلس الوزراء في الموضوعات المتعلقة بالرواتب والأجور والتعويضات والعلاوات والحوافز والمزايا والمكافآت، والإشراف على عمل المعهد الوطني للإدارة العامة، ووضع مدونة أخلاقيات وسلوكيات الوظيفة العامة، واقتراح كل ما من شأنه الارتقاء بثقافة الوظيفة العامة.
ويعطي مشروع القانون المجلس في حالات الضرورة التي يعود تقديرها إليه أن يوافق على إسناد إشغال الوظيفة العامة إلى ذوي الخبرة عن طريق التعاقد والتعيين، وذلك بناء على اقتراح من الوزير المختص أو من هو في حكمه، وله أيضاً أن يشكل لجاناً مختصة لمساعدته في القيام بأعماله وتحدد مهامها في قرارات تشكيلها.
الجهاز التنفيذي للوظيفة العامة
وينص مشروع القانون على أن يُحدث في رئاسة مجلس الوزراء جهاز مختص يسمى «الجهاز التنفيذي للوظيفة العامة»، يُنقل إليه ارتباط السجل العام للعاملين في الدولة ويرتبط برئيس مجلس الوزراء، ويقدم رئيس الجهاز التنفيذي إلى «المجلس» تقريراً سنوياً عن أعمال الجهاز التنفيذي وخططه المستقبلية، وعن حالة الوظيفة العامة، ويرفع هذا التقرير، بعد إقراره إلى مجلس الوزراء.
ويتولى «الجهاز» مؤازرة «المجلس» في أداء مهامه، وتقديم ما يلزم له من معلومات ودراسات، ومتابعة تطبيق أحكام هذا «القانون»، وإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بذلك، وتتبُّع حسن تطبيق الجهات العامة للقوانين والأنظمة والتعليمات المتعلقة بالوظيفة العامة، واقتراح ودراسة التشريعات المتعلقة بشؤون الوظيفة العامة، بالاشتراك مع الجهات المعنية، وإعداد ضوابط اختيار المرشحين لشغل الوظائف والتعليمات الخاصة باختيار وتعيين ونقل العاملين في الجهات العامة، ورفعها إلى المجلس للنظر في إقرارها، ووضع القواعد المتعلقة بالمسابقات والاختبارات التي يشارك فيها المتقدمون للتعيين في الوظائف، كما يتولى إعداد الأدلة الخاصة بشؤون الوظيفة العامة، والتعليمات الخاصة بتصنيف وتوصيف الوظائف، والأنظمة الداخلية النموذجية، للاستئناس بها عند وضع الأنظمة الداخلية للجهات العامة. وتوثيق التشريعات الخاصة بالوظيفة العامة والمراجع المتعلقة بها، وجمع البيانات والإحصائيات المتعلقة بالعاملين في الجهات العامة، وبكل ما يتعلق بشؤون الوظيفة العامة، وبناء وتطوير قواعد البيانات وأنظمة المعلومات اللازمة لإدارة الموارد البشرية في الوظيفة العامة، والنظر في الشكاوى والتظلمات التي تقدم إليه من العاملين والمتقدمين لشغل الوظائف، ورفع التوصيات المناسبة بشأنها إلى المراجع المختصة.
كما يتولى إعداد الدراسات في مجال تخطيط وإدارة وتنمية الموارد البشرية في الجهات العامة، وما يتعلق بمواعيد الدوام الرسمي والإجازات، وبالإجراءات التأديبية، وبشروط العمل والرواتب والأجور والتعويضات والعلاوات والحوافز والمزايا والمكافآت.
ومن مهام «الجهاز» أيضاً إعداد الدراسات حول التخصصات العلمية المتوافرة والمطلوبة، بما يُسهم في رسم السياسات التعليمية العامة، وكذلك المساهمة مع الجهات العامة في تخطيط وإدارة الموارد البشرية فيها، واقتراح السياسات ووضع الآليات التي من شأنها رفع فعالية وكفاءة الوظيفة العامة عن طريق اقتراح إحداث المسالك الوظيفية وتحديد المراتب الوظيفية لدى الجهات العامة، وتحديد الملاكات لدى الجهات العامة وفق القوانين والأنظمة النافذة، بالاشتراك مع وزارة المالية، والإسهام في دراسة مشروعات الأنظمة الداخلية والهياكل التنظيمية لدى الجهات العامة، وتحديد الاحتياجات التي يتطلبها تأهيل وتدريب ورفع كفاءة العاملين لدى الجهات العامة، عن طريق البعثات والمنح والدورات التخصصية، الداخلية والخارجية، بالتنسيق مع هيئة التخطيط والتعاون الدولي، والجهات المعنية بتشغيل القوى العاملة.
ومن مهامه أيضاً، المشاركة في تمثيل الجمهورية العربية السورية في الهيئات والمنظمات والاجتماعات الإقليمية والدولية المتعلقة بشؤون الوظيفة العامة، بالتنسيق مع هيئة التخطيط والتعاون الدولي.
وحسب مشروع القانون، يعين رئيس الجهاز التنفيذي بقرار من رئيس مجلس الوزراء، بناء على اقتراح من المجلس، ويعامل معاملة معاوني الوزير، ويضع الجهاز خطة سنوية لعمله، يقرها المجلس، وله أن يتعاقد مع الخبراء والاستشاريين بعقود عمل محددة المدة، دون التقيد بالحدود القصوى للرواتب والأجور، وتخضع هذه العقود لتصديق مجلس الوزراء، وله كذلك تشكيل لجان دائمة أو مؤقتة، تضم في عضويتها ممثلين عن الجهات العامة لمساعدته في إنجاز أعماله، وتصدر قرارات تشكيل هذه اللجان عن رئيس «المجلس».
ويصدر النظام الداخلي للجهاز التنفيذي بقرار من مجلس الوزراء، متضمناً هيكله التنظيمي، وتعد وظائفه مضافة حكماً إلى ملاك الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء، كما تُضم مديرية التنظيم والإدارة في الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إلى الجهاز التنفيذي، ويكون للجهاز التنفيذي نظام للتعويضات والحوافز والمزايا والمكافآت، يصدر بقرار من مجلس الوزراء.
تخطيط الموارد البشرية وإدارتها
ويفرد مشروع القانون فصلاً خاصاً بتخطيط الموارد البشرية وإدارتها، وينص على أن تقوم كل جهة عامة بوضع خطة إستراتيجية تتضمن رؤيتها ورسالتها وأهدافها، والخطط التنفيذية اللازمة لتحقيقها، وتكون الجهة العامة مسؤولة عن تطبيق السياسة العامة المتعلقة بإدارة الموارد البشرية وتنميتها، وفقاً لأحكام هذا «القانون».
كما ينص على أن تصنف الوظائف لدى الجهة العامة في مجموعات تتضمن كل منها الوظائف المتماثلة من حيث طبيعة عملها ومستوى مهامها ومسؤولياتها والمؤهلات المطلوبة لشغلها.
وينص مشروع القانون على أن تقوم كل جهة عامة بإحداث وحدة تنظيمية خاصة بإدارة الموارد البشرية فيها، تتولى وضع وتحديث الأنظمة الداخلية والهياكل التنظيمية، ووضع وتحديث وثائق تصنيف وتوصيف الوظائف، وكذلك مسائل التأهيل والتدريب والمسار الوظيفي للعاملين، وتقييم أداء العاملين، وتعنى بشؤون العاملين متضمنة القضايا المسلكية ومسائل التعيين والترفيع والترقية في المراتب الوظيفية والعلاوات والنقل والندب والإعارة والإجازات، ومشروعات الموازنات المتعلقة بذلك، على أن تصدر الصكوك التنفيذية الخاصة بتلك المهام عن المراجع المحددة لها قانوناً.
كما تقوم الوحدة التنظيمية الخاصة بإدارة الموارد البشرية في كل جهة عامة برفع تقرير تتبُّع سنوي إلى الجهاز التنفيذي عن حالة الوظيفة العامة فيها.
وينص مشروع القانون كذلك على أن تعد كل جهة عامة خطة سنوية، وأخرى متوسطة المدى مدتها ثلاث سنوات، للموارد البشرية فيها، تتضمن تحديد الوظائف الجديدة التي تتطلبها خطط العمل، وآليات إحلال العاملين الجدد في الوظائف عند شغورها، وتحديد الاحتياجات التي تتطلبها الحركة الوظيفية، من ترقية وترفيع وتعديل للأوضاع وغيرها، وتحديد الأعمال المؤقتة والحاجة إلى الخبراء، والمتعاقدين، والموسميين، وفق المشاريع والبرامج واحتياجات العمل.
وتجري مراجعة هذه الخطط وتحديثها باستمرار، لضمان اتساقها مع متطلبات العمل وتحقيقها لأهدافه، وتوافقها مع الاعتمادات المرصودة عند إعداد الموازنات السنوية.
كما ينص مشروع القانون على أن تقوم كل جهة عامة بإعداد نظام داخلي يتضمن- في جملة ما يتضمن- هيكلها التنظيمي، ومهامها الرئيسية والفرعية، وأن تعدّ وثائق التوصيف الوظيفي متضمنة المسمى الوظيفي، والأهداف العامة للوظيفة، وجهة الارتباط، والمهام والواجبات والمسؤوليات الرئيسية، وشروط شغل الوظيفة، وبوجه خاص المؤهلات العلمية والمهارات والخبرات العملية.