أوضحت بيانات دخل ونفقات الأسرة الذي أنجز في العام 2010 أن السوريين ينفقون سنوياً وبأسعار العام 2009 نحو 11.9 مليار ليرة على الأغذية والأطعمة الجاهزة، ونحو 12.435 مليار ليرة ثمناً لوجبات يتناولونها خارج المنزل.
وبينت البيانات إن تغير ثقافة الاستهلاك أفرز زيادة في استهلاك سلع ومواد كثيرة معظمها مستوردة وتراجعاً في استهلاك سلع ومواد منتجة محلياً، فمثلاً يستهلك السوريون سنوياً من مادة البرغل بما قيمته 7.433 مليارات ليرة بأسعار العام 2009 وهي مادة منتجة محلياً فيما يستهلكون مثلاً من مادة الأرز وهي المادة المستوردة بالكامل ما قيمته 22.434 مليار ليرة عدا كميات الأرز التمويني الموزع بموجب البطاقات العائلية، كما أن استهلاكهم من مادة الفريكة لا يتجاوز 1.8 مليار ليرة وهي مادة منتجة محلية ونحو 3 مليارات ليرة من المعكرونة...ولكم أن تتصوروا أيضاً أن سورية التي تزخر بأهم وأجود أنواع الثروة الحيوانية في العالم ولديها قطيع جيد يستهلك مواطنوها أجباناً أجنبية بما قيمته نحو 1.6 مليار ليرة سنوياً..!!.
كذلك الأمر بالنسبة للتدخين، إذ تكشف بيانات المسح الإحصائي المذكورة أن استهلاك السوريين من السجائر المحلية يبلغ نحو 10.7 مليارات ليرة سنوياً (عدا عن التنباك وتبغ اللف..) بينما تشير البيانات إلى أن استهلاكهم من الدخان الأجنبي يقدر بنحو 12.4 مليار ليرة..!!.
وثقافة الاستهلاك الجديدة لم تكتف بما سبق من تغليب سلع مستوردة على أخرى منتجة محلية، وإنما تسببت في زيادة استهلاك سلع ومواد أخرى لا يمكن لبلد أن يستغني عنها، إذ يرتفع سنوياً الاستهلاك المحلي من بعض السلع بشكل كبير فمثلا بلغ استهلاك السوريين من مادة الشاي فقط ما يقرب من 12.4 مليار ليرة سنوياً، ومن مادة البن 8.7 مليارات ليرة، ومن المتة نحو 2.4 مليار ليرة.
لاشك في أن دراسة ثقافة الاستهلاك السائدة في المجتمع السوري وإعادة توجيهها بما يتلاءم والواقع السوري يشكل أولوية رئيسة يجب أن تعمل عليها الحكومة والجهات الأهلية، وهناك تجارب لدول كثيرة كانت أزماتها بمنزلة حافز لها لإعادة تشكيل مفاهيم كثيرة في حياة أفرادها وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، لكن ذلك لم يكن ليتحقق لمجرد تلمس شعوب تلك الدول تأثيرات الأزمات وإنما بفضل قدرة الحكومات والمجتمعات الأهلية على توجيه ذلك التأقلم وترسيخه كفعل وطني وخطوة اقتصادية واجتماعية من شأنه الانعكاس إيجاباً على عائلة كل مواطن ومستقبله.
ففي ظل ما تواجهه سورية من عقوبات لن يفقد أحد عزيمته إن تخلى عن الشوكولا التي تستهلك منها سورية ما يقرب من 2.8 مليار ليرة، ولن يظمأ المواطن إن لم يتناول عصيراً مكثفاً يكلف سورية سنوياً نحو 368.4 مليون ليرة....الخ، هذا إضافة إلى السلع والمواد الأخرى غير الغذائية.