كتاب وجه إلى الحكومة يبين المبررات الحقيقية لتعديل قرار مجلس النقد والتسليف رقم 545 المتضمن تحديد الفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية التي تمنحها المصارف العامة لجهات القطاع العام بـ3.5% كحد أقصى.
جاء في كتاب التبرير المقدم للحكومة: يرتبط تحديد معدل الفائدة بالكلفة المرجحة على الودائع لدى المصرف فمعدل الفائدة النهائي على القروض لابد أن يشمل كلاً من قسط المخاطرة والنفقات الإدارية وهامش الربح. وبما يضمن استعادة المصارف العامة المانحة لهذه التسهيلات لتكاليفها. وتعتبر الكلفة المرجحة على الودائع أهم المؤشرات التي على أساسها يتم تحديد معدلات الفائدة على القروض والتسهيلات التي تمنحها المصارف وبعد مداولات في مجلس النقد والتسليف خرج المجلس بهذه النتائج التي قد تقنع القائمين على الشأن الاقتصادي في الحكومة فلو لم يكن لدى مجلس النقد والتسليف قناعه بتناغم منهجية التفكير لما رفع تبريراً كهذا للحكومة.
إن تجاهل التضخم ما هو إلا دليل على أن مجلس النقد والتسليف لا يهتم للقوة الشرائية لليرة السورية ولا يهتم لأسعار المستهلك. إنه من المعيب جداً أن يكون كتاب تبرير تحديد الفوائد المقدم لرئاسة مجلس الوزراء بهذه النمطية التي تشير إلى هروب من الواقع وعدم التناغم مع الشفافية المطلوبة لإدارة النقد والاقتصاد، نعم معيب جداً. أن يتم إغراق الكتاب بأرقام قرارات ونسب فوائد وودائع وتجاهل تام لنسب التضخم. وكأن مجلس النقد والتسليف لا يطلع على أسعار الصرف ولا على أسعار السلع. نسألكم ما مبرر تجاهل احتساب التضخم وتأثيره الكبير في تحديد سعر الفائدة؟ سؤال برسم الحكومة وهل الكلفة المرجحة على الودائع تعتبر من أهم المؤشرات التي على أساسها يتم تحديد معدلات الفائدة على القروض؟ وهل هذه المؤشرات تضمن للمصارف أن تستعيد تكاليفها؟
إن أهم وأول محدد للفائدة في المصارف يرتبط بشكل مباشر ووثيق بالتوقعات التضخمية ومن ثم تأتي العوامل الأخرى المشار إليها بكتاب مجلس النقد والتسليف فهناك علاقة مباشره بين أسعار الفائدة والتضخم وهناك معدل الفائدة الخالي من التضخم والذي يمثل العائد الذي يحصل عليه الدائن من المدين وهناك معدل الفائدة الاسمي الذي يمثل التضخم المتوقع في المستقبل والذي يقوم الدائن من خلال إضافته بحماية نفسه من انخفاض القوة الشرائية للنقود أي معدل الفائدة الاسمي يساوي معدل الفائدة الحقيقي مضافاً إليه معدل التضخم المتوقع. فاقتراض مبلغ ما عند سعر فائدة قدره 10% ومعدل التضخم 10% فإن السعر الحقيقي للفائدة يساوي الصفر. بهذه الحالة كيف يضمن مجلس النقد والتسليف للحكومة بأن تستعيد المصارف لتكاليفها؟
ما نعرفه هو أن إحدى أدوات تنفيذ سياسة نقدية انكماشية للتخفيف من التضخم هو سعر الفائدة التي يتم رفعها لرفع كلفة الاقتراض وتسهم في تخفيض الإنفاق. وهذا يضعنا أمام أسئلة موجه لمجلس النقد والتسليف:
هل لكم أن تبرروا لنا سبب التضخم وارتفاع الأسعار أمام اتباع سياسة انكماشية؟
هل هناك تأثير في إدارة أسعار الصرف والقرارات المتعلقة بتحديد سعر الصرف؟
هل إجراءات بيع الدولار تعتبر السبب في رفع نسب التضخم؟ أم إن الإنفاقات الحكومية هي المسبب لهذا التضخم،
هل تخفيض سعر الصرف إيجابي بحسب معلوماتكم؟
هل عملية التصدير مرنة وتستجيب لهذا التخفيض؟
هل أثر ذلك على المستوى المعيشي للمواطن وعلى الاقتصاد كله؟
نختم لكم بقصه رواها لي أبو عايد راع في البادية قال لي: حصلت على قرض شخصي بمبلغ مليون ليرة لمدة ثلاث سنوات وبفائدة مقدارها 8.5% أي الفوائد التي سأدفعها تساوي 255000 اشتريت بالمبلغ 20 ألف دولار كان الدولار بـ50 ليره اليوم بعت الدولارات بمبلغ 1600000 ليرة سورية فربحت 345000 وبادرني بالسؤال: هل المصارف تضمن استرجاع تكاليفها؟ إلا أن (أبو عايد) أردف يخبرني قائلاً: يا صاحبي لو أنني اشتريت غنماً بهذا المبلغ لأصبحت من أصحاب رؤوس الأموال، «لعن اللـه الدولار وساعته». كم تمنيت بعد هذه القصة أن يكون الراعي أبو عايد عضواً في مجلس النقد والتسليف.