اطلق " مركز الأمم المتحدة للاعلام" في بيروت، خلال مؤتمر عقده في فندق "مركزية مونرو سويتس" (Markzia Monroe Suites) في وسط بيروت، التقرير العالمي للاستثمار 2015، الذي يصدر سنويا عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد".
وجاء في التقرير الذي إطلع عليه موقع "B2B-SY" ان الاستثمار الأجنبي المباشر على صعيد العالم إنخفض بمعدل 16 في المائة فبلغت قيمته 1.23 تريليون دولار في عام 2014، حسب تقرير الاستثمار العالمي لعام 2015 الصادر عن الأونكتاد. وجاء في التقرير أنه يمكن عزو أسباب هذا الهبوط إلى هشاشة الاقتصاد العالمي وارتياب المستثمرين في السياسات واشتداد المخاطر الجيوسياسية. وتمّتْ مقابل الاستثمارات الجديدة تصفية بعض الاستثمارات الكبيرة.
ويكشف التقرير عن أن الصين أصبحت أكبر مستفيد من الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2014، تليها هونغ كونغ (الصين) والولايات المتحدة. واجتذبت الاقتصادات النامية مجتمعةً 681 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر وهي لا تزال المنطقة الرائدة من حيث حصتها من تدفقات الاستثمار العالمي الوافدة. وتشكّل الاقتصادات النامية نصف عدد المستفيدين العشرة الأوائل من الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، وهم الصين وهونغ كونغ (الصين) وسنغافورة والبرازيل والهند.
ويحدث هذا بالموازاة مع توسُّع شركات متعددة الجنسيات من البلدان النامية في الخارج فبلغ هذا التوسع أعلى مستوياته على الإطلاق إذ تكاد تبلغ قيمته نصف تريليون دولار. وفي عام 2014، كان تسعة من البلدان العشرين ذات الاستثمارات الأكبر من الاقتصادات النامية أو التي تمر بمرحلة انتقالية (هونغ كونغ (الصين)، والصين، والاتحاد الروسي، وسنغافورة، وجمهورية كوريا، وماليزيا، والكويت، وشيلي، وتايوان إقليم الصين)، حيث إن شركات من بلدان آسيا النامية تستثمر حالياً في الخارج أكثر من الشركات من أي منطقة أخرى. وحسب التقرير، تمثّل الاقتصادات النامية نسبةً قياسية تبلغ 35 في المائة من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الخارج، بعد أن كانت سجّلت 13 في المائة في عام 2007. ومن خاصيات توسع هذه الاستثمارات على الصعيد العالمي استثمارها في بلدان نامية أخرى. فارتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر من اقتصادات نامية إلى اقتصادات نامية أخرى (الاستثمار الأجنبي المباشر بين بلدان الجنوب)، ما عدا المراكز المالية الخارجية في منطقة الكاريبي، بمعدل الثلثين فارتفع من 1.7 تريليون دولار في عام 2009 إلى 2.9 تريليون دولار في عام 2013.
وفي السنة الماضية، سجلت الاقتصادات المتقدمة انخفاضاً في تدفقات الاستثمار الأجنبي الوافدة بنسبة 28 في المائة، بقيمة 499 مليار دولار. إلا أن هذا الرقم تأثر إلى حد بعيد بتصفية أحد الاستثمارات الكبرى وهي التصفية التي نفّذتها شركة فودافون في المملكة المتحدة لشركتها فيرايزون للاتصالات اللاسلكية، في الولايات المتحدة. وتدل صفقة فودافون على ظهور اتجاه عام في نشاط الدمج والتملك الذي شهد ارتفاع عدد صفقات تصفية الاستثمارات بمعدل عملية تصفية واحدة من كل عمليتين من عمليات الدمج والتملك. وهذا على الرغم من إعادة تنشيط صفقات الدمج والتملك عبر الحدود التي سجّلت أعلى رقم من الصفقات الكبرى (تفوق قيمتها مليار دولار) - من 168 في عام 2013 إلى 223 في عام 2014 - منذ عام 2008.
ووجد التقرير، الذي يرصد النشاط العالمي في مجال الأعمال التجارية في عدد من الميادين، أن إنتاج الشركات المتعددة الجنسيات على الصعيد العالمي قد ارتفع في عام 2014. فزادت مبيعات وأصول الشركات المتعددة الجنسيات في الخارج بوتيرة أسرع من تلك التي سجلتها نظيراتها المحلية، فولّدت بذلك قيمة إضافية تناهز 7.9 تريليون دولار. وبالإضافة إلى ذلك، استخدمت الفروع الأجنبية للشركات المتعددة الجنسيات 75 مليون شخص في المجموع، وأنشأت 4 ملايين فرصة عمل على الصعيد العالمي خلال العام الماضي (الجدول 1).
وفي العقد المنصرم، استهدف الاستثمار أكثر فأكثر قطاع الخدمات بسبب تحرير القطاع ونتيجةً لوجود اتجاهات طويلة المدى تركّز على الخدمات في جميع الاقتصادات. وفي عام 2012، وهو آخر عام تتوافر لدينا بيانات بشأنه، شكّلت الخدمات 63 في المائة من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر على صعيد العالم، أي أكثر من ضعف حصة التصنيع، التي بلغت 26 في المائة؛ بينما شكّل القطاع الأساسي 7 في المائة من المجموع (علماً أن نسبة 4 في المائة غير محددة)، حسب التقرير.
وإذ يستشرف التقرير ما بعد عام 2014، فقد جاء فيه أن هناك دلائل على أن الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي سيتعافى بالتأكيد حيث يُتوقع أن تنمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على الصعيد العالمي بنسبة 11 في المائة لتبلغ 1.4 تريليون دولار في عام 2015. ويتوقع التقرير أيضاً ارتفاعات أخرى حيث ستبلغ تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 1.5 تريليون دولار في عام 2016 و1.7 تريليون دولار في عام 2017 (الجدول 2).
ومن المتوقع أن تشهد البلدان المتقدمة ارتفاعاً كبيراً في التدفقات في عام 2015 (بنسبة قد تتجاوز 20 في المائة)، مما ينم عن نشاط اقتصادي أقوى. أما تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى البلدان النامية فستظل عالية حيث سترتفع بمعدل 3 في المائة على مدى السنتين المقبلتين.
وتستند هذه التقديرات إلى كل من نموذج توقعات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي وضعه الأونكتاد واستقصاء كبريات الشركات المتعددة الجنسيات. وتشير الاتجاهات التي تشهدها عمليات الدمج والتملك عبر الحدود إلى استئناف النمو في عام 2015. فقد ارتفعت حصة الشركات المتعددة الجنسيات التي تعتزم زيادة إنفاقها على الاستثمار الأجنبي المباشر على مدى السنوات الثلاث المقبلة (2015-2017) من 24 إلى 32 في المائة، حسب التقرير، ولا يعتزم خفضَ ذاك الإنفاق إلا عدد قليل منها.
ومع ذلك فإن نمو الاستثمار الأجنبي المباشر قد يتراجع بسبب عدة سيناريوهات اقتصادية وسياسية منها استمرار الشكوك في منطقة اليورو والتداعيات المحتملة للتوترات الجيوسياسية واستمرار وجود مواطن ضعف في الاقتصادات الناشئة.
المنطقة العربية:
وصل إجمالي تدفقات الإستثمارات الأجنبية الواردة الى المنطقة العربية حوالي 44 مليار دولار في نهاية عام 2014 أي بتراجع قدره 7.4% عن معدلها في عام 2013 حيث وصلت التدفقات الى 47.5 مليار دولار. علما بأن إجمالي التفقات وصلت الى أعلى مستوى لها في عام 2008 (97.6 مليار دولار).
وكنسبة من إجمالي التدفقات العالمية، نجد أن حصة الدول العربية إرتفعت من 3.2% في عام 2013 الى 3.6% في عام 2014، علما بأن هذه النسبة وصلت الى 6.8% في عام 2009.
أما حصة المنطقة العربية كنسبة من إجمالي التفقات الواردة الى الدول النامية فقد إنخفضت من 7.1% في عام 2013 الى 6.4% في عام 2014.علما بأن هذه النسبة وصلت الى أعلى مستوياتها في عام 2009 (17.5%).
إحتلت الإمارات المرتبة الأولى عربيا وللعام الثاني على التوالي حيث وصلت تدفقات الإستثمارات الأجنبية المباشرة 10 مليار دولار، تليها السعودية (8 مليار دولار)، ثم مصر في المرتبة الثالثة (4.8 مليار دولار)، فالعراق (4.8 مليار دولار)، فالمغرب (3.6 مليار دولار)، ثم لبنان في المرتبة السادسة (3 مليار دولار).
المحصلة: إنخفاض تدفقات الإستثمارات الأجنبية في 15 دولة عربية وإرتفاعها في 6 دول.
لبنان:
ارتفعت تدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة الواردة الى لبنان من 2880 مايون دولار في عام 2013 لتصل الى 3070 مليون دولار في عام 2014، اي بزيادة قدرها 6.6%. وتمثل تدفقات الاستثمارات الاجنبية الواردة الى لبنان بنسبة 6.8% من اجمالي الناتج المحلي. وتعد هذه النسبة هي الاعلى ضمن الدول العربية.
وعلى صعيد التدفقات الخارجة، فقد إنخفضت الإستثمارات الخارجة من لبنان من 1962 مليون دولار في عام 2013، لتصل الى 1893 مليون دولار في عام 2014. ومن الملاحظ إرتفاع حجم الإستثمارات الخارجة من لبنان خلال العامين الماضيين إذ لم يتجاوز هذا الرقم 1 مليار دولار في العام 2012.
وحسب البيانات الصادرة عن المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمار في لبنان (إيدال) حول عدد المشاريع الأجنبية التي تم تسجيلها في عام 2013، فإن قطاع التجارة وتجارة التجزئة إستحوذ على 31% من عدد الشركات الأجنبية العاملة في لبنان، بينما بلغت حصة قطاع السياحة 17%، الخدمات 16% ، البناء والعقارات 11%.