بالتزامن مع تخطي عدد إصابات كورونا في البلاد عتبة الـ 1400 إصابة، تعتبر المدن الكبرى مراكز انتشار فيروس كورونا في سوريا، وتحديداً في مدينتي دمشق وحلب، حيث أعلى كثافة سكانية في المساحة ضمن المدينتين، إضافة إلى أعلى مستوى من التنقل والدخول والخروج إليهما من المحافظات الأخرى ومن الخارج.
ولكن وفق الأرقام الرسمية، فإن المركز الأساس للانتشار هو دمشق من حيث عدد الإصابات، وعدد الوفيات.
وأفصحت محافظة دمشق عن عدد الوفيات اليومي خلال ثمانية أيام ضمن الانتشار المتوسع بين نهاية تموز ومطلع آب، ووفقها فإن وسطي عدد الوفيات اليومي بلغ 104 وفيات. وهو رقم كبير لمعدل الوفيات الوسطي في مدينة دمشق، التي سجّلت في عام 2018 معدل وفيات يومي وسطي: 32 وفية يومياً، وفق أرقام المجموعة الإحصائية السورية لعام 2018.
ما يعني: تضاعف الوسطي اليومي ثلاث مرات! وأنّه يمكن أن نقدّر أنه في حالة الانتشار هذه أصبح ثلثا الوفيات ناجماً عن الكورونا.
بالعموم، تسجل محافظة دمشق معدل وفيات سنوي أعلى من كافة المحافظات السورية (باستثناء حلب التي لا تتوفر حولها بيانات وفيات سنوية خلال سنوات الأزمة، بسبب عدم استكمال بيانات الريف).
وبالمقارنة مع المحافظات الأخرى، فإن معدل الوفيات في دمشق سنوياً بلغ: 11726 وفاة في عام 2018 تلتها ريف دمشق بـ 8200 وفاة تقريباً، ومن حيث معدل الوفيات السنوي قياساً لعدد السكان، فإن المعدل في دمشق أعلى منه في أية محافظة سورية أخرى.
تضاعف وسطي الوفيات اليومي في دمشق
عدد الوفيات اليومي الوسطي في دمشق بلغ في 2018: 32 وفية، بينما وصل الوسطي اليومي خلال ثمانية أيام من الذروة إلى 104 وفيات يومية بتضاعف 3,2 مرّة!
الأرقام مخيفة والوقائع باردة للآن
إن استطلاع مجموع البيانات والمقارنات حول احتمالات ووقائع انتشار الوباء في سورية، يدفع للقول: إنّ الوباء سينتشر بمستوى وبنتائج قد لا تكون مسبوقة في مكان آخر... وتستدعي بالفعل استنفاراً وحالة طوارئ، لن يكون بمقدور المنظومة السورية بتخلفها المتراكب مع ظرف العقوبات والحرب، وتراجع دور جهاز الدولة وهيمنة الفساد، أن تدير أزمة جديدة تضاف إلى جملة الأزمات السورية التي وصلت حد الجوع الواسع.
من الواضح أن السياسة المتبّعة حتى اليوم، هي تجاهل الاحتمالات المتفاقمة، وترك الأمور لسياسة (مناعة القطيع) بل أبعد من ذلك. هنالك تعنت على استمرار بعض النشاطات والتجمعات التي يمكن تأجيلها، مثل: الامتحانات، بل وحتى مهرجانات التسوق والطعام والملاهي في بلاد يوقف سوقها الفقر قبل الوباء، أي لن تكون هذه النشاطات ذات جدوى اقتصادية، وإن كانت فإن هذا غير مبرر في ظل الحديث عن احتمالات كارثة صحية.
كما تستمر حالات احتكار الأساسيات الوقائية، مثل: الكمامات التي لم تلزم الحكومة أحداً بها حتى بإجراء قانوني، هذا عدا عن أنها لم تسع لتأمينها وشراء كميات من إنتاجها وتوزيعها... مع العلم، أن إنتاجها المحلي واسع، ولكن احتكارها لم يسمح بتخفيض مستويات سعرها لتكون قابلة للتداول اليومي، ولتستطيع الأسر أن تلبس الكمامات وتبدلها، لتمارس هذا الحد الأدنى من الوقاية. هذا عدا عن اللباس الوقائي للكادر الطبي الذي يشهد معدل وفيات مرتفعاً خلال الفترة الماضية، لا يمكن السماح باستمراره.
يضاف إلى ذلك أزمة الدواء التي لم تجد لها حلاً، فالعديد من الأدوية مفقودة، وتضاعفت أسعارها... ولم تصرّح الوزارة عن مدى وفرة البرتوكول العلاجي المتبنى، وكلفه، بالقياس إلى معدل الانتشار. وتحديداً أنه حتى السيتامول المصنّع في تاميكو أصبح سعر الظرف منه يفوق 400 ليرة، بينما تكلفته في المصنع تقارب 235 ليرة.
لا توجد أية قدرة أو نية بالتعامل مع ظرف انتشار الوباء على أنه طارئ، كما لم يتم التعامل مع أي ظرف استثنائي سوري على أنه طارئ، وتنبغي إجراءات استثنائية. فعندما يصل الجوع إلى نصف السكان هو حالة كارثية كان ينبغي التعامل معها ولم تتم إلا مفاقمة الأزمة الموجودة.
لذلك فإن انتظار الحكومة ومن يوجهها للتعامل بالكفاءة المطلوبة هو بمثابة قبض للريح، فالمطلوب اليوم إجراءات استثنائية:
- توسيع قدرة المشافي وإنشاء مشافٍ ميدانية ومراكز عزل.
- اختبار مدى فعالية المنافس المطوّرة محلياً، وتأمين منافس إضافية في حال محدودية قدرتها. - توسيع عدد الاختبارات لكشف بؤر الانتشار المركّزة وحصرها.
- تخصيص مبالغ لتوسيع إنتاج الأدوية المكوّنة للبروتوكول العلاجي وتأمينها مجاناً.
- توسيع إنتاج الكمامات وتوزيعها مجاناً، لتستطيع الحكومة بعدها أن تفرض على المواطنين ارتداءها.
صحيفة قاسيون