يساهم القطاع الصناعي الخاص بنحو 63٪ من الناتج المحلي الإجمالي كونه قطاعاً واسعاً وشاملاً ومولداً لفرص العمل بالتوازي مع كونه مساهماً أساسياً في تأمين متطلبات السوق المحلية، لكن هذا القطاع في الأعوام الماضية ولاسيما العام 2011 بات يعاني من عدم القدرة على مواجهة التحديات والظروف الطارئة، وهو ما أوقعه بين حدي سيف لتسريح العمال أو مواجهة الإغلاق، وهما الحالتان اللتان تشكلان الضربة الموجعة على رأس العمال القائمين على العمل من جهة وعلى الباحثين عن فرصة العمل للعمال الجدد القادمين على سوق العمل من جهة أخرى..
فالبيانات الصادرة عن وزارة الصناعة فيما يتعلق بتراجع مساهمة القطاع الصناعي الخاص بتشغيل واستقطاب الأيدي العاملة واستيعابها هي بحد ذاتها صادمة، فقد وثّقت بيانات الوزارة هذا التراجع منذ خمس سنوات بالنسبة لاستيعاب «الخاص» للعمالة ،حيث أظهرت أن التراجع تركز في قطاعات النسيج والكيميائي والغذائي والهندسي، ففي عام 2008 استقطبت المنشآت الصناعية(11806) فرص عمل أما في 2009 فكان (8989) فرصة، بينما في العام 2010 لم يتجاوز الرقم سبعة آلاف فرصة، لينخفض الرقم العام الماضي إلى مادون 3 آلاف فرصة (وذلك من خلال بيانات تقرير المنشآت المنفذة وفق النشاط الصناعي 2011) أي أن هناك تراجعاً ملحوظاً أكثر من 8 آلاف فرصة عمل مقارنة مع عام 2008 ، وأشارت الصناعة إلى التراجع الموازي في نسب تنفيذ المنشآت الصناعية بالنسبة لعدد المشاريع المشملة أو المرخصة.
إغلاقات وتسريح..
قد تبدو الصورة قاتمة إذا ما نظرنا إلى حالات تسريح العمالة المتكررة وإغلاقات المنشآت تحت ذرائع الأزمة وتحول الصناعيين إلى تجار دون أن نخفي أن بعض القطاعات الكبيرة وأغلبها صناعات نسيجية وغذائية في مجال الصناعة المتوسطة منها والصغيرة قد قذفت بالعمال خارجاً وكان أغلبها في حلب وريف دمشق لتتبع هذه المنشآت خطة التخفيض بالعدد مستغنية عن مابين 20 أو 25٪ من عمالها، ووصلت هذه النسبة الآن في ظل الظروف الحالية إلى أكثر من النصف، فليس من المعقول حسب البيانات الحديثة للصناعة أن يتم ترخيص أكثر من 14 ألف منشأة صناعية خلال الفترة 2006 إلى 2009 في حين المنفذ منها يقارب النصف أي 7130 منشأة فقط بمختلف القطاعات الصناعية الخاصة، الغذائية والكيميائية والنسيجية والهندسية، فمعدل التنفيذ لم يتعدَ 51٪ ،وفي العام الماضي 2011انخفض الرقم أكثر لتسجل عدد المنشآت المرخصة وفق النشاط الصناعي 52 منشأة فقط، أما المنفذة فكان 30 لاغير، منها 8 منشآت منفذة في منطقة حسياء، بعدد عمال دون 700 عامل..أما المنشآت الصناعية المنفذة وفق القانون 21للعام الماضي فبلغت 574 في حين كانت المرخصة أكثر من هذا الرقم بمرتين وعدد عمال منفذ لا يتجاوز 5250 فقط..
وحسب أرقام وزارة الصناعة، فإن 19 منشأة صناعية تقدّمت في عام 2010 بطلبات لإغلاقها من بينها 4منشآت هندسية و6نسيجية و3 منشآت غذائية و6 كيميائية.. أما خلال عام 2011فقد وصل عدد المنشآت المغلقة إلى 28 منشأة..
بشار زغلولة مدير الاستثمار في وزارة الصناعة أشار إلى انخفاض واضح في عدد المنشآت الصناعية المنفذة العام الماضي نتيجة الظروف في البلاد، الأمر الذي كان له التأثير الواضح على تأمين فرص العمل.. وهذا ما أكدته ريم حللي مديرة التخطيط في الوزارة بقولها: إنه من الطبيعي أن يكون هذا التأثر واضحاً بعدد المنشآت المرخصة وتأمين فرصة العمل للقادمين للسوق نتيجة الظروف السائدة.
أحلاهم مرّ
محمد الفحل «خبير اقتصادي» بيّن أن قدرة القطاع الصناعي الخاص على تأمين فرص العمل قد تضاءلت كثيراً في العامين الماضيين نتيجة ما يواجه هذا القطاع من ظروف قاسية خاصة بعد أن أشهرت العديد من المنشآت إفلاسها وعدم قدرتها على الاستمرار، مما جعلها تواجه أحد الخيارين إما الإغلاق أو تسريح العمال مرجحة الخيار الثاني، وهذا بدوره أسهم في زيادة عدد العاطلين عن العمل، ورفع نسبة البطالة، وذكر الفحل أن هناك إحصائية لمؤسسة التأمينات الاجتماعية تؤكد فيه أن عدد العمال المنفكين أو الذين تم تسريحهم عن العمل خلال الفترة الممتدة بين كانون الثاني ولغاية 21 أيلول العام الماضي بلغ نحو 76.7 ألف عامل، جاءت ريف دمشق في المرتبة الأولى لجهة عدد المنفكين، واعتبر الفحل أن القطاع الخاص بمجمله يواجه تحدياً غير مسبوق في ظل الأزمة والظروف الحالية وانعكاساتها لجهة تأمين فرص العمل للقوة العاملة، داعياً الحكومة إلى تبني إجراءات متكاملة وإسعافية كإقامة مشاريع التنمية في المحافظات وتنشيط ودعم عمل القطاع الخاص عن طريق خريطة استثمارية يلحظ فيها جميع متطلبات العمل.