تواصلت معاناة المواطن في ارتفاع اسعار السلع الغذائية والحاجيات الاساسية مقابل جمود تام في حركة الاسواق في قطاعات مثل الحلويات والتي يعتبرها معظم المواطنين انها تأتي في الدرجة الثانية لا بل بالثالثة من حيث اهتماماتهم في ظل الازمة التي تمر بها البلاد ،وأمام كل هذا الركود الكبير في الطلب نجد ارتفاعاً عالياً في أسعار الحلويات وصل إلى نسبة 100 إلى 200% في بعض الأصناف والذي يعود سببه الأساسي إلى الاستغلال الذي يمارسه التجار علينا فهم يقومون بتخزين المواد الأولية التي تدخل في صناعة الحلويات للتلاعب بأسعارها فقد ارتفع سعر الفستق الحلبي إلى 1200 ليرة للكيلوغرام الواحد وهو من الإنتاج المحلي أما المستورد منه فقد ارتفع ليصل سعره إلى 800 ليرة، هذا بالإضافة إلى ارتفاع سعر السمن البلدي ليصل سعر الكيلوغرام إلى أكثر من 1500 ليرة هذا إن وجد بالأصل، بينما ارتفع سعر صندوق الزبدة النباتي من 800 إلى 1700 ليرة وكذلك الزيت النباتي من 2000 إلى 3200 ليرة، هذا علاوة على ارتفاع أسعار الحليب وعلب الكريمة التجارية التي وصلت إلى 2800 ليرة بعد أن كانت تباع بسعر 1500 ليرة.
دون أن ينسى الجميع طرح الأسئلة من عيار «من المسؤول عن هذا الغلاء، ومتى يمكن أن يتوقف، وما دور كل واحد منا في ذلك؟ آخذين بعين الاعتبار الأزمة التي فاقمتها العمليات الإرهابية التي استهدفت حياة الناس بأرواحهم، وبلقمة عيشهم.
وبهذا الصدد التقت جريدة " تشرين" محمد الشامي صاحب محل حلويات شعبية في منطقة المزة فحدثنا عن ارتفاع أسعار الحلويات قائلاً: ارتفعت أسعار الحلويات لهذا العام مقارنة بالعام الماضي بنسبة تتراوح ما بين 65 – 70% ويعزو هذا الارتفاع الكبير إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة هذه الحلويات فكل يوم هناك سعر جديد مختلف عن اليوم الذي قبله، فمنذ شهر أحضرت شوال سميد وسطاً «25 كغ» بسعر 800 ليرة أما حالياً فقد أحضرته بـ2200 ليرة، أما سكر البودرة فقد ارتفع سعره بالتدريج من 55 ليرة إلى أن أصبح بـ85 ليرة، وكيس الطحين «عبر الشرق» ارتفع من 1900 ليرة إلى 4100 ليرة هذا بالإضافة إلى ارتفاع أسعار البيض الذي وصل سعر الصحن منه إلى أكثر من 300 ليرة.
وأمام هذا الارتفاع في أسعار الحلويات انخفض الإقبال على شراء الحلويات إلى أكثر من النصف فالزبون الذي اعتدنا على رؤيته يومياً لم نعد نراه إلا في المناسبات بعد هذا الارتفاع الذي سجلته صناعة الحلويات مؤخراً لأن معظم زبائننا من سكان المناطق الشعبية وفي ظل كل هذا الارتفاع نواجه ارتفاعاً في تكاليف الإنتاج الأخرى كالغاز والمازوت الذين لم يعودا موجودين حالياً إلا في السوق السوداء فأسطوانة الغاز نشتريها أحياناً بـ2000 ليرة في حين نشتري ليتر المازوت بمئة ليرة.
وعن أسعار الحلويات الموجودة لديه قال الشامي: إن أكثر ما يطلبه الزبون لدينا في فصل الشتاء هو العوّامة والمشبّك والتي ارتفع سعرها من مئة ليرة إلى 170 ليرة، وكذلك المعمول بكل أنواعه والذي ارتفع من 200 إلى 325، إضافة إلى قطع الكاتو التي تختلف أسعارها حسب الحشوة والمكونات ويمكن أن تصل القطعة إلى 60 ليرة، في حين ارتفع سعر كيلو النمورة الوسط من 200 ليرة إلى 300 ليرة حالياً.
من جهة أخرى حدثنا أبو مصطفى صاحب محل بيع وصناعة الحلويات في منطقة الميدان قائلاً: إن حركة البيع تختلف اختلافاً كبيراً عن العام الماضي فقد شهد البيع لدينا إقبالاً ضعيفاً بسبب الظروف الأمنية التي شهدها الميدان مؤخراً فأصبحنا نعاني من خسارة مالية في الربح وصلت إلى حدود 70% نتيجة الركود الحاصل في السوق، فقد فقدنا الكثير من زبائننا إضافة إلى أن أغلب زبائن المحل أصبحوا يطلبون كميات أقل مما كانوا يطلبونها في السابق.
كما أن مواد تغليف هذه الحلويات تكلفنا أعباءً مالية إضافية فسعر أكياس التغليف كنا نشتريها بالسابق بسعر 90 ليرة وخلال أيام وصل سعرها لـ250 ليرة.
وعن أسعار الحلويات لديه أضاف أبو مصطفى قائلاً: إن أصناف الحلويات الدمشقية الشهيرة ارتفعت كثيراً فسعر المبرومة وصل إلى 1600 ليرة وعش البلبل وصل إلى 1500 ليرة والبلورية 1400 ليرة، أما أكلات القشطة فسعر الكيلو منها وصل إلى 1300 ليرة وأصابع الصنوبر 1500 ليرة، في حين وصل سعر الكيلو من المدلوقة والنابلسية وهما من الأكلات المطلوبة وخاصة في فصل الشتاء إلى 400 ليرة في حين يباع صحن السرفيس منهما للشخص الواحد بسعر 100 ليرة علماً أنه كان يباع منذ أشهر بـ40 ليرة.
وطالب أبو مصطفى مديرية حماية المستهلك بضرورة لجم أسعار المواد الأولية الداخلة في صناعة الحلويات وملاحقة التجار المسؤولين عن هذا الغلاء الأسطوري الذي يشهده سوق الحلويات في بلدنا.
صاحب مستودع لتوزيع المواد الأولية امتنع عن ذكر اسمه قال لنا: إن ارتفاع الأسعار لا يرجع سببه لاحتكار التجار بل يعود إلى صعوبة وصول المواد الأولية وخاصة القادمة من حلب التي كانت تورد أكثر من 80% من هذه المواد إضافة إلى ريف دمشق والتي حرقت ونهبت معظم مستودعاتها من قبل العصابات المسلحة، كما أن غلاء مادة المازوت وصعوبة النقل وزيادة أجور العمال راكم على معظم التجار نفقات إضافية.
سامية سعيد قالت: اشتهى أبنائي الحلويات منذ أيام ولأني أعرف أن الحلويات «القطر» والمحشية مرتفعة الثمن قلت لنفسي سأحضر لهم المشبّك والعوّامة لكونهما أكلتان شعبيتان وهما رخيصتا الثمن، ولكن عند السؤال عن سعر الكيلو منهما صعقت جداً فهل من المعقول أن يصل السعر إلى 170 ليرة؟ علماً أنني كنت أشتري الكيلو منذ أيام بمئة ليرة!.
مهند درويش قال: شهد سوق الحلويات في بلدنا ارتفاعاً غير مقبول في الأسعار فهي لا تتناسب مع دخل المواطن السوري وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشونها، ما اضطر الكثير من العائلات إلى الامتناع عن شراء هذه الحلويات وحتى في المناسبات، وبالنسبة لي تقوم زوجتي بين الفترة والأخرى بصناعة بعض أنواع الحلويات في المنزل وبذلك فهي تضرب عصفورين بحجر واحد فهي من جهة توفّر من المصروف المتآكل ومن جهة أخرى تسكت نهم أطفالنا المشتاقة للحلويات التي اعتادوا أن يأكلوها كل فترة.
وبحسب جريدة تشرين فقال أحد العاملين في مديرية حماية المستهلك أشار إلى أن الحلويات لا تخضع للتسعير المركزي، ويقتصر دور الدوريات التابعة لحماية المستهلك على سحب العينات الغذائية للدراسة السعرية والنوعية فضلاً عن تحليلها من أجل التأكد من أن تكون مناسبة صحياً للاستهلاك، مع التأكيد على تقديم كل ورشة أو معمل لصناعة الحلويات بيان تكلفة إلى مديريات حماية المستهلك في المحافظات، وفي حال عدم تقديم المصنع للبيان ينظم بحقه الضبط اللازم، كما يقوم عناصر حماية المستهلك بالتحقق من أي شكوى ترد إليها بغية اتخاذ الإجراء اللازم في حال وجود أي مخالفة تتعلق بالسعر أو بالنوع.