كلام كثير شهدته الفترة الأخيرة حول ما يجري في سوق الذهب، تبعاً لجملة من الأخبار، والتي تحدثت عن ذهب حقيقي وأخر مزور في الأسواق السورية، مع الأخذ بالحسبان أن ما من قصة متكاملة حتى الآن، إلا أن البعض أشار بإصبع الاتهام إلى رئيس الجمعية السابق وحمله مسؤولية الذهب المزور الموجود في الأسواق.
وحسب المعطيات فإن ظهور عدد من الليرات الذهبية غير الدقيقة العيار في الأسواق دفع بالاتحاد العام للجمعيات الحرفية لتشكيل لجنة للتحقيق بهذه المسألة فأوصت اللجنة بإعفاء رئيس مجلس إدارة جمعية الصاغة في دمشق وريفها جورج صارجي لكون اللجنة نسبت له المسؤولية عن ذلك، كما باشرت اللجنة التحقيق في أمور أخرى مثل الختم وأقلام الدمغات ناهيك عن تفاصيل أخرى دون رابط بنيوي بين هذا الأمر وذاك.
الاتحاد العام للجمعيات الحرفية علّق على المسألة باقتضاب، ففي اتصالين هاتفيين معه، قال رئيس الاتحاد ياسين السيد حسن: إن المسألة حقق فيها، وقام الاتحاد بحل مجلس إدارة جمعية الصاغة، وبالتالي ما من جديد حتى يقوله الاتحاد، في ظل ما أعلنه عن إجراءاته بالنسبة لجمعية الصاغة في دمشق سابقاً، مؤكداً في الوقت نفسه أن المسألة باتت معروفة وما من تفاصيل جديدة تطرح حولها، مع الأخذ بالحسبان ما أعلنته «الوطن» به من أن رئيس جمعية الصاغة السابق جورج صارجي طرح رأياً مدعوماً بالوثائق ومغايراً لما قيل حول الموضوع.
ومن ضرورة استكمال جميع آراء المعنيين بهذه المسألة، توجهت «الوطن» إلى مقر جمعية الصاغة لسؤال رئيس مجلس إدارتها الجديد غسان جزماتي حول جملة من الأمور التي تتعلق بالكميات التي يمكن أن يكون هؤلاء المزورون قد طرحوها في السوق خلال فترة عمل ورشتهم في السنتين الماضيتين.
إضافة إلى كميات الذهب والأختام التي قد تكون لا تزال موجودة في السوق السورية نتيجة أعمال تزوير مشابهة وغيرها من الأمور، إلا أن الرئيس الجديد للجمعية أكد أنه من غير المسموح له التصريح لوسائل الإعلام إلا بعد موافقة الاتحاد العام للحرفيين.
الأمر الذي اضطرنا إلى نشر الموضوع بمن حضر من الآراء.
جورج صارجي تحدث عن هذه المسألة لـ«الوطن» قائلاً: بدأت المسألة مع ظهور قطع من الذهب تختلف عياراتها مع دمغتها فما هو 18 قيراطاً دمغ على أنه 21 قيراط فبادرت إلى اتخاذ إجراءاتي والبحث عن معلومة بين الصاغة عن أصل الخيط، فكانت النتيجة أن أحدهم أخبرني بأن اثنين من الصاغة يزورون الذهب في ورشة بأحد الأقبية في منطقة جرمانا بدمشق، وأعلمت الأمن الجنائي بالموضوع، وبالفعل داهم قبوهم وقبض عليهم بالجرم المشهود وبحوزتهم قوالب لسكب الأونصات والليرات الذهبية، ونظم بحقهم ضبطاً أصولياً وخصصت الجمعية بنسخة منه، لتنقلب المسألة إلى تهمة لي ويفتح تحقيق بالموضوع على أساس أنني المذنب، على حين أن أحد الصاغة حضر إلى مقر الجمعية ليخطرها بوجود ليرة ذهبية تحمل دمغة تشبه دمغته إلى حدٍ يقارب المطابقة ولكنه لم يسكبها، وتوالت الشكاوى من الصاغة إلى أن قبض الأمن الجنائي على الفاعلين.
ولفت صارجي إلى أن الكتب المذكورة كانت تصل إلى الجهات المعنية وذات الصلة بهذه القضية تطبيقاً لمهام وواجبات الجمعية ولما فيه من ضمان وحفظ لهذه الصناعة الوطنية الهامة، مبيناً أنها كانت تلقى تجاهلاً.
وأشار إلى أن التزوير ليس بجديد على سوق الذهب المحلية، وقال: إن اتهامي بالتورط في هذا الأمر عبارة عن تلفيق بتلفيق ومكيدة.
أكد صارجي أنه خلال عمله مدة 13 سنة كرئيس للجمعية قام بإرسال الكثير من الكتب التي تتحدث عن وجود حالات غش وتزوير في سوق الذهب السورية، مشيراً إلى أن «صناعة الذهب» السورية ذات سمعة عالمية طيبة وتتفوق على مثيلاتها في معظم دول العالم بمستوى حرفية عملها وجماليتها ودقتها في التصنيع، مستدركاً بالقول: إن هذا التزوير الذي لحق بـ60 ليرة ذهبية مؤخراً والفضيحة التي انكشفت في إحدى ورش الصياغة في جرمانا يمكن أن يؤذي سمعة هذه الصناعة المحلية قليلاً، موضحاً أن التزوير موجود في جميع أسواق الذهب في العالم وليست محصورة عندنا.
وبالعودة إلى الاتهامات بالتزوير التي أدت إلى إقالته قال صارجي: إن الختم المعتمد للجمعية كان خلال العامين الماضيين في جيب أمين السر السابق (الرئيس الحالي للجمعية) وهو لا يأتمن أي أحد على التعامل مع هذا الختم الأساسي، وهو نفسه من كان يقوم بختم المصوغات الذهبية بمختلف أشكالها، متسائلاً بالقول: لماذا لم يشعر أحد بوجود تزوير للذهب في السوق خلال العامين الماضيين؟
وتابع صارجي: إن المسؤول عن الختم في الجمعية وإثر إشكال قانوني أثارته الجمارك حوله يتعلق بذهب ما، رفض توقيع وختم أي كتاب موجه إلى جهة رسمية مع أنه المسؤول عن ختم الجمعية والمستلم له رسمياً، ما اضطر رئيس الجمعية إلى توقيع الكتب وختمها بخاتم آخر غير الموجود لدى الآخر، مؤكداً أن هذا الخاتم معتمد ورسمي ولكن اللجنة اعتبرت ذلك نوعاً من تجاوز القوانين، دون أن تسأل مسؤول الخاتم الرسمي حينها عن سبب امتناعه عن ختم الكتب وتوقيعها، مؤكداً أنه يتحمل كامل المسؤولية القانونية عن أي ختم له قبل حصول الإشكال القانوني مع مستلم الختم لدى مديرية الجمارك العامة، منوهاً بالوثائق التي يحملها لتدعيم رأيه بهذه المسألة.
وأكد استعداده الكشف أمام جميع الجهات بعدد الكتب والإخطارات التي كان يشير فيها إلى الكشف عن قطع ذهبية متداولة في السوق أو أختام مزورة بين أيدي مزورين إلى كل من يهمه الأمر، وقال: في هذا الجانب استغرب أسباب ربط اسمي بالأختام المزورة أو أي علاقة لي بها».
وأضاف: إن التقنيات الحديثة سمحت للمزورين بتصميم أختام مشابهة لأختام الجمعية وأختام كل صائغ ممن يريدون تقليد ختمه المعروف وهو الأمر الذي حصل مع المزورين الذين تم الكشف عنهم مؤخراً في جرمانا وتمت إقالتي بناءً على هذه القضية الملفقة.
وحول تفاصيل عملية التزوير المثارة مؤخراً قال صارجي: إن الشخص الذي وشى مؤخراً بالمزورين في قبو إحدى الأبنية في جرمانا - وهو عامل سابق في ورشتهم - وإلقاء الأمن الجنائي القبض عليهم بعد ذلك بالجرم المشهود ومعهم 60 ليرة ذهبية معدة للبيع، وأختام صاغة معروفين جميعها مزورة أمر جيد للغاية بالنسبة لمصلحة سوق الذهب، ولكن لماذا خرج هؤلاء المزورون من السجن بعد فترة قصيرة جداً لا تليق بجرمهم ومعهم ليراتهم؟، علماً أنه مضى عامان كاملان على مباشرتهم العمل في صناعة ليرات الذهب في ورشتهم إلى أن تم إلقاء القبض عليهم بالجرم المشهود، وهو ما يخلق احتمال طرحهم لكميات غير معروفة من الليرات المزورة في السوق.
وتساءل أيضاً: لماذا أعيدت تلك الليرات إلى جيوبهم؟، ولماذا كان الواشي يلازم أمين سر الجمعية السابق لفترة من الزمن قبل افتضاح أمر هؤلاء؟ ولماذا لم يكشف التزوير إلا في الأسابيع الماضية فقط؟. مستدركاً بالقول: إن جميع هذه الأسئلة بحاجة إلى إجابة وأنا على استعداد لإحضار جميع الشهود والدلائل والبيّنات التي تثبت صحة كل كلمة قلتها أو سأقولها مستقبلاً في هذه القضية.