أصبحت أفكار «الدبلوماسية التجارية» التي دخلت حيز الاهتمام مع تولي الحكومة الائتلافية الجديدة هي الامل الوحيد للخروج من حالة الكساد التي تسيطر علي بريطانيا فلم يكن شهر أبريل (نيسان) الماضي هو أكثر الشهور هطولا للأمطار في تاريخ بريطانيا فقط، بل شهد أيضا دخول البلاد في حالة من الركود المزدوج، حيث تراجع الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.2 في المائة.
وتتم إدارة البلاد منذ عامين من قبل الحكومة الائتلافية التي تربط خططها الاقتصادية بين حزمة من تدابير التقشف التي تهدف إلى خفض العجز في الموازنة وبين تعافي القطاع الخاص الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات.
وعلي الرغم من هذا يعتبر الانتعاش الحالي هو الأبطأ في تاريخ بريطانيا، وأبطأ حتى من الانتعاش الذي أعقب الكساد الكبير في عام 1929.
وفي عام 2012 جاءت بريطانيا في مرتبة متأخرة عن البرازيل من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وكانت على وشك الخروج من قائمة أفضل عشرة اقتصادات في العالم. وفي الواقع، لم يكن التصنيف العالمي تصنيفا مثاليا، ولكن الشيء الواضح هو أن اقتصاد بريطانيا، مثله في ذلك مثل العديد من الاقتصادات الكثيرة في أوروبا، يعاني من الركود، إن لم يكن من الانخفاض والتدهور.
فقد أرسلت الحكومة عدة بعثات تجارية رفيعة المستوى إلى الاقتصادات الناشئة، بما في ذلك الصين والهند، وجنوب شرقي آسيا. وكان على رأس الوفد الذي زار الصين في عام 2010 رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي ترأس أكبر بعثة تجارية بريطانية في التاريخ إلى الصين، حيث ضمت البعثة أيضا أربعة وزراء و43 وفدا تجاريا، فضلا عن وفد صغير يمثل التعليم والثقافة. وعقب الزيارة، أشادت لجنة برلمانية بالوفد لأنه نجح في تحقيق «عدد من النتائج التجارية الملموسة». وتم الإعلان عن بعض الصفقات التجارية، من بينها اتفاق بقيمة 5 مليارات دولار مع شركة إيرباص، واتفاق آخر بقيمة 750 مليون جنيه استرليني مع شركة «رولز رويس».
وقد برزت هذه السياسة التجارية الخارجية بطريقة فريدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث نجحت الحكومة البريطانية في تعزيز التجارة مع شركائها التقليديين مثل إسرائيل، ليصل حجم التجارة الثنائية بين البلدين في عام 2012 إلى 3.75 مليار جنيه استرليني، بزيادة قدرها 34 في المائة في عام واحد، كما نجحت بريطانيا في تعزيز التبادل التجاري مع قطر، ونجحت عام 2011، خلال زيارة كاميرون لقطر، في توقيع اتفاقية بقيمة ملياري جنيه استرليني بين شركة «سنتريكا» البريطانية المتعددة الجنسيات وشركة قطر للبترول لتوريد الغاز.
وبغض النظر عن «استثناء» الربيع العربي، ظلت الحكومة البريطانية تفتخر بدبلوماسيتها التجارية. وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، احتفلت الحكومة بنهاية السنة الأولى من سياستها التجارية الجديدة من خلال تسليط الضوء على عدد من النجاحات، بما في ذلك دعم الشركات لتحقيق أرباح تصل إلى 800 مليون جنيه استرليني في فرص تجارية ذات قيمة عالية بالخارج، ومساعدة أكثر من 20,000 مشروع من المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التصدير واقتحام أسواق جديدة تتميز بمعدلات نمو مرتفعة مثل الهند والصين والبرازيل وتركيا.
المصدر: نقودي